أو أريد إثبات ذلك المفهوم له حال الحكم، نظرا إلى حصوله في المستقبل فيكون الثبوت المأخوذ في تلك الصفات هو الثبوت في الجملة الشامل لثبوته في الاستقبال أيضا، فيصح الحمل في الحال نظرا إلى تلك الملاحظة.
وظاهر ما حكى في الوافية عن صاحب الكوكب الدري احتمال كونه حقيقة في الاستقبال أيضا، لذكره أن إطلاق النحاة يقتضي أنه إطلاق حقيقي.
فإن أراد بذلك أن حكمهم بمجئ المشتق للاستقبال - كما نصوا بمجيئه للماضي والحال - ظاهر في كونه حقيقة فيه فوهنه ظاهر، سيما مع عدم منافاته للحال بالمعنى الذي سنقرره إن شاء الله.
وإن أراد الاستناد إلى إطلاقهم اسم الفاعل على ضارب غدا - كما قد يحكى عنه - فهو موهون من وجوه شتى سيما مع خروج ذلك عن محل الكلام أيضا، إذ هو من قبيل الاستعمال في حال التلبس وإن لوحظ فيه الاستقبال بالنسبة إلى حال النطق.
فما يظهر من غير واحد من الأفاضل في كون ذلك من قبيل الاستعمال في الاستقبال بالمعنى الملحوظ في المقام كما ترى، وسيظهر لك حقيقة الحال.
وقد وقع الخلاف في صحة إطلاقه حقيقة من جهة التلبس به في الماضي على قولين أو أقوال يأتي الإشارة إليها، وقبل الخوض في المسألة وبيان الأقوال فيها والأدلة لا بد من بيان أمور ينكشف بها حقيقة المقصود:
أحدها: أن المراد بالحال في المقام هو حال التلبس أي الحال الذي يطلق عليه اللفظ بحسبه، سواء كان ماضيا بالنسبة إلى حال النطق أو حالا أو مستقبلا، فلو قلت: " زيد كان ضاربا أو سيكون ضاربا " كان حقيقة لإطلاقه على الذات المتصفة بالمبدأ، بالنظر إلى حال اتصافه وتلبسه به وإن كان ذلك التلبس في الماضي أو المستقبل، وأما إذا أريد به الاتصاف في حال النطق فهو أيضا حقيقة، إلا أنه لا قائل باعتبارها بالخصوص في صدق المشتقات حتى يكون إطلاقها على من تلبس في ماضي النطق أو مستقبله مجازا مطلقا، وهذا مع غاية ظهوره من ملاحظة إطلاقات المشتقات منصوص به في كلامهم، بل حكي عن جماعة