معالم الدين:
أصل الحق أن الاشتراك واقع في لغة العرب. وقد أحاله شرذمة. وهو شاذ ضعيف لا يلتفت إليه.
ثم إن القائلين بالوقوع اختلفوا في استعماله في أكثر من معنى إذا كان الجمع بين ما يستعمل فيه من المعاني ممكنا، فجوزه قوم مطلقا، ومنعه آخرون مطلقا، وفصل ثالث: فمنعه في المفرد وجوزه في التثنية والجمع، ورابع: فنفاه في الاثبات وأثبته في النفي.
ثم اختلف المجوزون، فقال قوم منهم: إنه بطريق الحقيقة. وزاد بعض هؤلاء: أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن، فيجب حمله عليه حينئذ. وقال الباقون: إنه بطريق المجاز.
والأقوى عندي جوازه مطلقا، لكنه في المفرد مجاز، وفي غيره حقيقة. لنا على الجواز: انتفاء المانع، بما سنبينه: من بطلان ما تمسك به المانعون، وعلى كونه مجازا في المفرد: تبادر الوحدة منه عند إطلاق اللفظ، فيفتقر إرادة الجميع منه إلى إلغاء اعتبار قيد الوحدة. فيصير اللفظ مستعملا في خلاف موضوعه. لكن وجود العلاقة المصححة للتجوز أعني: علاقة الكل والجزء يجوزه، فيكون مجازا.
فإن قلت: محل النزاع في المفرد هو استعمال اللفظ في كل من المعنيين بأن يراد به - في إطلاق واحد - هذا وذاك، على أن يكون كل