اتفقوا على كونه مجازا فيه، فمحل الخلاف هو إطلاقه على المتلبس في الماضي في مقابلة الحال والاستقبال المذكورين وليس الخلاف في كونه حقيقة في خصوص الماضي أيضا، كما قد يتوهم على ما سيجئ الإشارة اليه عند بيان الأدلة، بل النزاع كما أشرنا اليه في كونه موضوعا لخصوص المتلبس بالمبدأ بالنظر إلى حال تلبسه به أو لما حصل له التلبس به في الجملة، سواء كان في الحال أو الماضي ليكون إطلاقه حقيقة في الصورتين.
ثانيها: المعروف بين علماء العربية وغيرهم عدم دلالة الصفات على الزمان على سبيل التضمن على ما هو الحال في الأفعال، والظاهر أنه مما لا كلام فيه وإن أوهم بعض العبائر دلالتها على الزمان كذلك، إذ كونها من جملة الأسماء وعدم اندراج الزمان في مداليل الأسماء من المسلمات المشهورات كما هو ظاهر من ملاحظة حدودها وغيرها.
مضافا إلى اتضاح ذلك من ملاحظة الاستعمالات، إذ لو كان الزمان جزء من مدلولها لدلت عليه على نحو دلالة الأفعال، مع وضوح الفرق بينهما بعد ملاحظة العرف، وظهور عدم انفهام الزمان منها كذلك.
وقد يتراءى من كلام القائلين بكون المشتق حقيقة في الحال أن يكون الزمان مأخوذا في مفهومه على سبيل التضمن، ولذا احتمل بعضهم اختلاف مذهبي أهل العربية والأصول في دلالة المشتقات على الزمان.
وهو توهم ضعيف، إذ ليس في كلام أهل الأصول ما يومئ إلى كون الزمان مدلولا تضمنيا للمشتقات كما ستعرف ذلك من ملاحظة أقوالهم وأدلتهم في المقام.
والأظهر أنه لا كلام في عدم دلالتها على الزمان على سبيل القيدية أيضا - بأن يكون قد اخذ أحد الأزمنة الثلاثة قيدا في مدلولها بحسب الوضع، فيكون ما وضعت بإزائها هو الذات المتصفة بالمبدأ مقيدا بكون الاتصاف في الحال على أن يكون القيد خارجا والتقييد داخلا - لما عرفت من أن القائل بكونها حقيقة في الماضي لا يقول بدلالتها على الزمان أصلا، وإنما يعتبر في مفهومها تحقق