المتروح له. وقد نبه على الإيراد المذكور في النهاية، إلا أنه نص على عدم صحة اشتقاق المتروح.
وأنت خبير بصحة الاشتقاق المذكور ووروده في الاستعمالات، فالظاهر ما ذكره الآمدي، إلا أن دلالة ما ذكر على التجوز مما لا شاهد عليه، وكفى ما فرض من عدم صحة الاشتقاق في اللغة مانعا منه، فكيف يفرض انتفاء المانع، ألا ترى أن العلوم والملكات صفات قائمة بموصوفاتها ولا يصح الاشتقاق من لفظ الملكة ولا من أسماء العلوم إلا في بعضها كالفقيه والمتكلم.
ولنختم الكلام في المرام بذكر قاعدة في المقام أشار إليها جماعة من الأعلام وهي: أن كل معنى يشتد الحاجة إلى التعبير عنه بالخصوص ويكثر الاحتياج في المحاورات إلى بيانه يجب في الحكمة وضع لفظ بإزائه، سواء اخذ ذلك المعنى على إطلاقه ووضع اللفظ بإزائه ليكون كل من الوضع والموضوع له عاما، أو اعتبر المعنى المفروض ووضع اللفظ لجزئياته، ليكون الوضع عاما والموضوع له خاصا، فليس الكلام في خصوصية الوضع وإنما المقصود ثبوت الوضع له في الجملة وعدم الاكتفاء في بيانه بالمجاز والإشارة ونحوهما، وقد نص على الحكم المذكور العلامة (رحمه الله) في التهذيب والنهاية، وأطال القول فيه في النهاية في باب العموم واحتج به في إثبات لفظ العموم، وقد حكى إنكاره عن جماعة منهم السيد والشيخ والآمدي والعضدي، والأظهر الأول ويدل عليه أمور:
الأول: أن المقتضي للوضع موجود والمانع منه مفقود فيجب تحققه، أما الأول فلأن الباعث على وضع الألفاظ هو تسهيل الأمر في التعبير عما في الضمير عند الحاجة إلى التعبير والمفروض ثبوت الحاجة في المقام على الوجه الأكمل، وأما الثاني فظاهر، لإمكان الفعل في نفسه وقدرة الواضع على إيجاده.
فإن قلت: إن ذلك إنما يتم إذا كان الواضع عالما بشدة الحاجة إليه وكثرة دورانه بين الناس حتى يكون مقتضيا لوضعه وهو ممنوع.
قلت: إن قلنا بأن الواضع هو الله تعالى فظاهر، وإن قلنا بأنه البشر فلوضوح