لا يلزم القائل بوضعها للأعم، إذ هي حينئذ اسم لما يقبل الصحة والفساد والزيادة والنقصان ولا يتفاوت فيه الحال ولا يرد عليه الإشكال، إذ تلك الزيادات والنقيصات إنما هي من طوارئ الماهية وعوارضها ولا اختلاف في الماهية بحسب اختلافها، فلا مانع من التسمية ولا إشكال في تصحيح النية.
قلت: إن القائل بوضعها للصحيحة يقول أيضا بنحو ذلك بعينه، إذ لا يقول أحد باشتراك الصلاة لفظا بين تلك الخصوصيات وأن هناك ماهيات عديدة متباينة خارجة عن حد الإحصاء، بل إنما يذهب إلى وضعها للقدر الجامع بين الجميع ويجعل تلك الاختلافات اختلافا في الأفراد والخصوصيات، ويقول بكون نفس الماهية أمرا قابلا لتلك الزيادات والنقيصات على ما يلتزم به القائل بكونها للأعم، غير أنه يعتبر خصوصية زائدة على ما يقول به القائل بالأعم وهو كون تلك الماهية حسنة مقربة إلى الله تعالى، فإن تلك الاختلافات قد تكون على نحو يوجب خروج العمل عن قابلية التقرب، وقد لا تكون كذلك، فيجعل الموضوع له هو تلك الماهية مقيدة بذلك ليخرج الأول عن المسمى، وهذا التقييد إن لم يوجب زيادة تعين للمسمى فلا يزيده إبهاما حتى أنه يكون قبل التقييد به ماهية محدودة متعينة الحدود والأجزاء، وبعد التقييد به ماهية مبهمة غير متعينة ليتوقف تعينه على ملاحظة تلك الخصوصيات.
بل قد يقال بأن الأمر فيما ذكر بالعكس، فإنه يصح للقائل بوضعها للصحيحة ملاحظة معيار للتسمية - أعني ما يحصل به القربة ويكون معروضا للأجزاء والصحة - بخلاف القائل بوضعها للأعم، فيشكل الحال بالنسبة اليه، إذ لا معيار له حينئذ سوى التسمية، والمفروض أن التسمية فرع تعين المسمى حسب ما ذكره.
والقول بتعين أجزاء مخصوصة يتعلق بها التسمية موجب لخروج الباقي عن الحقيقة فلا يصح إطلاقها على الكل على سبيل الحقيقة وهو باطل باتفاق الكل كما مرت الإشارة اليه.
على أنه لا فارق بين الأجزاء في ذلك لصدق الصلاة بحسب العرف قطعا