وكان زيد فقيرا عالما جاز دفع المنذورين اليه، ولو نذر شيئا للفقير وشيئا للسيد وشيئا للعالم فاتفق هناك فقير سيد عالم جاز دفع الكل اليه. ويجري ذلك في الوصايا والأوقاف وغيرها.
نعم، يجئ بناء على التداخل الاجتزاء بإعطاء درهم واحد إياه واحتسابه عن الكل لو كان المنذور في كل من النذور المفروضة دفع درهم اليه.
وقد عرفت وهنه ومخالفته لفهم العرف.
ولو كان اتحاد المتعلقين قاضيا باتحاد الفعل المتعلق بهما، كما إذا قال: " آتني بفقير وآتني بعالم أو قال زر فقيرا أو زر عالما " فاتفق هناك فقير عالم، ففي الاجتزاء بالإتيان به فيهما - نظرا إلى حصول الأمرين بفعل واحد - أو لزوم تكرار الفعل ولو بالنسبة اليه وجهان؟
والحق أن ذلك بعينه مسألة التداخل وإنما يجئ التأمل في المثال من جهة احتمال قضاء المقام بكون المطلوب هو الطبيعة المطلقة، ومع عدم استظهاره في المقام لا بد من التكرار أيضا حسب ما فصلنا القول فيه.
رابعها: أنهم اختلفوا في تداخل الأسباب وأن الأصل تداخلها حتى يقوم دليل على خلافه، أو أن الأمر بعكس ذلك، وهذه المسألة قد أشار إليها جماعة من المتأخرين، وما قررناه من المسألة المذكورة هو عين تلك المسألة في بعض الوجوه.
ولنوضح الكلام فيها حتى يتبين به حقيقة المرام فنقول: إن المراد بالسبب في المقام هو المقتضى لثبوت الحكم في الشرع مما أنيط به الحكم على ما هو الشأن في الأسباب الشرعية، سواء كان مؤثرا في ثبوت الحكم بحسب الواقع أو كان كاشفا عن ثبوت مؤثر آخر كما في كثير من تلك الأسباب، وسواء استحال الانفكاك بينهما أو جاز التخلف كما هو الغالب نظرا إلى طرو بعض الموانع أو فقدان بعض الشرائط.
والمراد بتداخل الأسباب إما تداخلها من حيث السببية والتأثير بأن يكون الحاصل منها مع تعددها سبب واحد، فلا يتفرع على تلك الأسباب إلا حكم واحد يحصل أداؤه بفعل واحد.