الثبوت وقيام بعض الشواهد على النقل - فإنه وإن فرض عدم إفادتها الظن في مقابلة الأصل لتنهض حجة على الإثبات إلا أنه لا أقل من الشك كما هو معلوم بالوجدان بعد الغض عن الأدلة المفيدة للظن.
وكأنه الظاهر من آخر كلامه حيث قال: " إنه لا يبقى لنا وثوق بالإفادة مطلقا " فلا وجه للحكم بالنفي من جهة الأصل، إذ ليست حجية الأصل في مباحث الألفاظ من باب التعبد وإنما هي من جهة إفادة الظن، فمع عدم حصول الظن من جهته لا وجه للرجوع اليه والحكم بمقتضاه مع عدم حصول ظن بما هو مراد الشارع من تلك الألفاظ.
والحاصل: أنه لا شك في حمل تلك الألفاظ على المعاني اللغوية بالنسبة إلى ما قبل الشرع، وكذا في الحمل على المعاني الشرعية في عرف المتشرعة، وقد حصل الشك في زمان الشارع في كون الحال فيه حال زمان المتشرعة أو حال ما قبل الشريعة، فمع الشك لا وجه لتعيين أحد الوجهين وحمل الحديث على أحد المعنيين مع عدم انفهام أحدهما منه حينئذ وحصول الشك في فهم أهل ذلك العصر، فلا بد إذن من التوقف، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في المسائل المتقدمة، فبناؤه على النفي والرجوع إلى الأصول الفقهية محتجا بما بينه (رحمه الله) ليس على ما ينبغي.
نعم إن قام هناك دليل على حجية الأصل المذكور في مباحث الألفاظ على سبيل التعبد اتجه ذلك، لكنه ليس في الأدلة ما يشمل ذلك، بل الحجة في باب الألفاظ هو الظن حسب ما قرروه، والمفروض انتفاؤه في المقام.
فظهر مما قررناه أن احتجاج النافين بمجرد الأصل غير كاف في المقام، بل لا بد بعد العجز عن إقامة الدليل على أحد الطرفين وحصول الشك في النقل وعدمه من التوقف في الحكم والحمل.
ثم إن هنا أدلة اخر غير ما ذكروه تدل على حصول الوضع فيها في زمان الشارع بل من أول الأمر.