ولا رواية ولا تعرض الأصحاب لذكر خلاف فيه في كتاب أو رسالة، فذهب إلى عدم وجوب الاحتياط فيه، لحصول العلم العادي إذن بعدم اعتباره أو قيام الاجماع عليه كذلك، إذ من المعلوم أنه لو كان ذلك شطرا أو شرطا لتعرضوا له وأشاروا اليه ولا أقل من ورود رواية تدل عليه، فإذا لم نعثر له في الروايات وكلمات الأصحاب على عين ولا أثر حكمنا بعدمه، وغرضه من ذلك حصر الاحتياط في اعتبار الأجزاء والشرائط المشكوكة فيما لا يخرج عما هو مذكور في الروايات وكلام الأصحاب حتى لا يشكل الأمر في الاحتياط، إذ قد يعسر الأمر مع الغض عنه في مراعاة الاحتياط، ويؤول إلى الإتيان بعبادة خارجة عن الطريق المألوف، فربما يشكل الحال فيه من جهة أخرى فلا معول على تلك الاحتمالات الواهية، ولا يجب مراعاة الاحتياط من تلك الجهة، وهذا كلام آخر غير بعيد عن طريق الفقاهة.
ولنتمم الكلام في المرام برسم أمور:
أحدها: أن الصحة المأخوذة في المقام هل هي الصحة الواقعية - أعني الموافقة للأمر الواقعي - أو الصحة الشرعية؟ - سواء كانت حاصلة بموافقة الأمر الواقعي أو الظاهري، فيندرج فيه الفعل الصادر على سبيل التقية المخالف لما عليه الفعل في الواقع في الموارد التي حكم الشرع بصحته، وكذا الأفعال المختلفة باختلاف فتاوى المجتهدين وإن لم يجز كل من تلك الأفعال عند غير القائل به، نظرا إلى أن كلا من تلك الأفعال محكوم بصحته شرعا قد دل الدليل القاطع على تعلقه بذلك المجتهد ومقلده، فيندرج الكل فيما يشمله أسامي تلك العبادات وإن قطع بعدم موافقة الجميع للحكم الأولي الثابت بحسب الواقع - وجهان:
أوجههما الأخير، ولذا يحكم كل مجتهد بأداء المجتهد الآخر ومقلده العبادة المطلوبة منه بحسب الشرع وإن كانت فاسدة لو وقعت منه ومن مقلده، حسب ما يأتي تفصيل القول فيه في محله إن شاء الله.
هذا بالنسبة إلى اختلاف الأحكام من جهة الاختلاف في الاستنباط إذا تعلق