على هذا الوجه غير ظاهرة من عبارة المصنف، ولا من الأخبار المأثورة حسب ما استند إليها، فإن أقصى ما يستظهر في المقام حصول الشهرة في الجملة بملاحظة مجموع الأخبار المأثورة.
فظهر بما قررناه أن ما ادعاه من الشهرة على فرض صحته لا يتفرع عليه ما ذكره من الإشكال، إلا على بعض الوجوه الضعيفة.
هذا، وقد أورد عليه أيضا بأن المجاز الراجح إنما يكون راجحا مع قطع النظر عن الوضع وأما معه فمساواته للحقيقة ممنوعة، إلا إذا غلب استعماله في المعنى الآخر بحيث اندرج في الحقيقة العرفية، وأنى له بإثباته مع أنه لا يدعيه؟.
وفيه: أن كلام المصنف (رحمه الله) هنا مبني على التوقف في الحمل عند دوران الأمر بين الحمل على الحقية المرجوحة والمجاز الراجح وهو مسألة أخرى مقررة في محله، فمنعه في المقام غير هادم لما هو بصدده من الكلام.
على أن ترجيح الحقيقة المرجوحة مطلقا مما لا وجه له حسب ما مر تفصيل القول فيه في محله.
هذا، ولنعقب الكلام في المرام برسم مسائل يناسب إيرادها في المقام:
أحدها أنهم اختلفوا في دلالة الجمل الخبرية المستعملة في الطلب نحو " يتوضأ " و " يغتسل " و " يعيد " في مقام يراد بها ليتوضأ وليغتسل وليعد على الوجوب لو قلنا بدلالة الأمر عليه.
فعن جماعة من الأصحاب المنع من دلالتها على ذلك، نظرا إلى كونها موضوعة للإخبار، وقد تعذر حملها عليه فيتعين استعمالها في الانشاء مجازا، وكما يصح استعمالها في إنشاء الوجوب كذا يصح استعمالها في إنشاء الندب أو مطلق الطلب، فإذا تعذرت الحقيقة وتعددت المجازات لزم الوقف بينهما وقضية ذلك ثبوت المعنى المشترك، وهو مطلق الرجحان والثابت به هو الاستحباب بعد