يختلف مصاديق تلك الطبيعة بحسب اختلافها، وذلك مما لا يقضي بإشكال في النية، وهو ظاهر.
رابعها: أنها لو كانت موضوعة لخصوص الصحيحة لما صح تعلق الطلب بشئ من العبادات معلقا له على أساميها، والتالي ظاهر الفساد، بيان الملازمة: أن الألفاظ المذكورة حينئذ دالة بنفسها على مطلوبية معانيها مع قطع النظر عن تعلق صيغ الطلب بها، إذ المفروض دلالتها على العمل الصحيح وهو لا يكون إلا مطلوبا، فلا يحصل من تعلق الطلب بها فائدة جديدة ويكون بمنزلة أن يقول: أريد منك العمل الذي هو مرادي.
وفيه أولا: أن هناك فرقا بينا بين دلالة الألفاظ المفردة على مطلوبية معانيها ودلالة المركبات على وقوع الطلب، فإن غاية ما يستفاد من المفردات إحضار مداليلها المقيدة بكونها مطلوبة، وأما كون ذلك الطلب حاصلا بحسب الواقع فلا، لظهور كون ذلك معنى خبريا لا يدل المفرد عليه، مثلا لفظ " الصوم " اسم للإمساك المعروف المطلوب لله تعالى، فغاية ما يستفاد من لفظه إحضار المعنى المذكور ببال السامع، وأما أن ذلك المعنى أمر متحقق في الواقع قد تعلق طلب الشارع به فلا دلالة فيه عليه أصلا، والمستفاد من تعلق الطلب بها هو المعنى الأخير فلا تكرار.
نعم، لو قال الشارع: " إن الصوم ثابت في الشريعة " أفاد على القول المذكور كونه مطلوبا للشارع ولا فساد فيه بل الظاهر بحسب متفاهم العرف دلالته عليه، وهو مما يؤيد القول المذكور.
وثانيا: أن تلك الأوامر هي الدالة على كون تلك الأعمال عبادة مطلوبة للشارع، فيعلم بذلك كون تلك الألفاظ مستعملة في تلك العبادات، فلولا ما دل على مطلوبيتها لما علم كون تلك الألفاظ من أسامي العبادات وأن مداليلها من الأمور الراجحة، فغاية الأمر أنه بعد تعلق الطلب بها ومعرفة كون تلك الأفعال عبادة يمكن الرجوع قهقري واستعلام المطلوبية من مجرد اللفظ، وأين ذلك من