وكأن المقصود به الإشارة إلى الخلاف الواقع في اعتبار إرادة المطلق حسب ما عرفت من زعم الأشاعرة عدم الحاجة إليها في تحقق الأمر، وبنائهم على المغايرة بين الطلب والإرادة، وأما غيرهم فبنوا على اتحاد الأمرين، وحينئذ فلا يمكن تحقق الأمر من دون حصولها، فمرجع هذا البحث إذن إلى البحث المتقدم.
واحتج في المعارج وغيره بأن الصيغة ترد أمرا كقوله: * (وأقيموا الصلاة) * (1) وغير أمر كقوله: * (اعملوا ما شئتم) * (2) ولا مخصص إلا الإرادة.
فإن أراد به توقف كونه للطلب على إرادة المطلوب - إذ لا مخصص له بذلك إلا الإرادة المذكورة فيكون الغرض دفع ما ذهب اليه الأشاعرة من الاختلاف بين الأمرين وإمكان مفارقة الطلب عن الإرادة فلا حاجة إليها في صدق الأمر - ففيه:
أن من البين أن إرادة الطلب كافية عندهم في تخصيصه بالطلب من غير حاجة إلى إرادة المطلوب.
وإن أراد به توقف كونه للطلب على إرادته - إذ لا مخصص له سواها كما هو الظاهر من كلامه - فقد عرفت أنه مما لا كلام فيه.
وكيف كان، فالظاهر أن النزاع المذكور إما لفظي، أو أنه يعود إلى النزاع المتقدم وإن اختلفا في ظاهر العنوان، فعدهما بحثين وإطالة الكلام في المقام كما في النهاية ليس على ما ينبغي.
المقام الثالث:
في أن لفظ الأمر هل يفيد الوجوب وضعا أو لا؟
وقد اختلفوا في ذلك على قولين، والأرجح كونه حقيقة في الطلب أو الصيغة الدالة عليه على نحو ما ذكرناه في حده، فيعم ما إذا كان الطلب على سبيل الحتم والإلزام أو على سبيل الندب، سواء كان صادرا من العالي أو المستعلي أو هما معا.
ويدل عليه أنه لا فارق عرفا من الجهة المذكورة بين الأمر ومطلق الطلب