موهون بأن الظاهر من نقلهم لها مطلقا في مقام بيان الأحكام مع فرض اختلاف العرف إرادة المعاني الشرعية، إذ لولا ذلك لأشاروا اليه ولم ينقلوها على إطلاقها مع كون المنساق عنها في زمانهم خلاف ما أراده النبي (صلى الله عليه وآله).
على أن كون المنقول لفظ " النبي " (صلى الله عليه وآله) في الغالب غير معلوم، بل لا يبعد أن يكون إسنادها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) غالبا من جهة التقية، كما في روايات السكوني وأضرابه، نظرا إلى كون جميع ما عندهم مأخوذا عنه (صلى الله عليه وآله) وكلما يذكرونه من الأحكام فهو عن الرسول (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله تعالى.
وبالجملة: ليس المقصود عدم ترتب فائدة على المسألة ولا غناء الفقيه عنها بالمرة - إذ لا شك في لزوم معرفتها واستفراغ الوسع في تحصيلها، لاحتمال اختلاف الحكم من جهتها وتوقف بعض المسائل عليها - بل المدعى أنها ليست بتلك المكانة من الحاجة بحيث يتوقف الأمر عليها غالبا ويكون استنباط الأحكام من جهتها كثيرا، بل لا يتوقف الحكم عليها إلا في أقل قليل من المسائل، كما لا يخفى بعد ممارسة كتب الاستدلال.
قوله: * (إن الصلاة اسم للركعات... الخ) * ظاهر قوله: " اسم " يعطي كونها حقيقة في ذلك، وحينئذ فذكره المقدمة الثانية المشتملة على دعوى القطع بكونها حقيقة فيها من جهة تبادرها منها ليس بمتجه، بل ينبغي جعل ذلك دليلا على المقدمة الأولى.
والقول بكون تلك المقدمة مسوقة لأجل الاحتجاج على الأولى وإن عطفها عليها بعيد جدا وان كان ذلك ظاهر كلامه الآتي في الإيراد سيما مع دعوى القطع بالمقدمة الأولى، ودعوى القطع بالثانية مع زيادة لفظة " أيضا " إذ لو كان القطع بالأولى حاصلا عن الثانية لم يصح التعبير بذلك.
فالأظهر أن يحمل قوله: " اسم " على مجرد استعمالها في المعاني المذكورة وكونها مفيدا لها في الجملة، دفعا للاحتمال المعزى إلى الباقلاني من إنكاره استعمال تلك الألفاظ في المعاني الشرعية الجديدة، وحينئذ فيكون المقدمة الثانية في محلها.