أحدهما: عدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق، وهو المعروف بين أصحابنا وقد نص عليه العلامة (رحمه الله) في عدة من كتبه والسيد العميدي والشهيد والمحقق الكركي، وعزاه جماعة إلى أصحابنا الإمامية مؤذنين باتفاقهم عليه منهم السيد العميدي والشهيد الثاني، وأسنده في المبادئ إلى أكثر المحققين، وفي المطول إلى الأكثر، وقد ذهب اليه كثير من العامة منهم عبد القاهر والشافعي ومن تبعه، وحكي ذلك من الجبائي والمعتزلة، وعزي إلى ابن سينا وغيره.
ثانيهما: القول باشتراط البقاء، وعزي إلى الرازي والبيضاوي والحنفية، وحكاه في النهاية عن قوم.
ويحكى هناك قول ثالث، وهو اشتراط البقاء فيما يمكن بقاؤه وعدمه في غيره، وعزاه في النهاية إلى قوم، إلا أنه قال في أثناء الاحتجاج: " إن الفرق بين ممكن الثبوت وغيره منفي بالإجماع " وهو يومئ إلى حدوث القول المذكور أيضا وكونه خرقا للإجماع.
ولبعض المتأخرين من أصحابنا تفصيل آخر، وهو أن المشتق حقيقة في الماضي إذا كان اتصاف الذات بالمبدأ أكثريا، بحيث يكون عدم الاتصاف بالمبدأ مضمحلا في جنب الاتصاف، ولم يكن الذات معرضا عن المبدأ وراغبا عنه، سواء كان المشتق محكوما عليه أو به، وسواء طرأ الضد أو لا.
وربما يفصل في المقام بين الألفاظ وخصوص المشتقات فلا يجعل هناك ضابطة في الاشتقاق، بل يقال بدوران الأمر في كل لفظ مدار ما هو متبادر منه، فنحو القاتل والضارب والآكل والشارب والبائع والمشتري حقيقة في الأعم، ونحو النائم والمستيقظ والقائم والقاعد والحاضر والمسافر حقيقة في الحال.
وربما يجعل الأصل في أسماء المفعولين البناء على الأول، نظرا إلى غلبة وضعها لذلك، والأصل في الصفات المشبهة وأسماء التفضيل هو الثاني لذلك أيضا، فيلحق المشكوك بالغالب.
وقد يقال بخروج المشتقات المذكورة عن محل النزاع حسب ما أشرنا إليه.