ومن هنا يظهر وجه آخر لصدق الإعادة في المقام، إذ الظاهر أنه لا يعتبر في تحقق مفهومها ما يزيد على ذلك، فصحة إسناد الفعل اليه حينئذ قاضية بصدق الإعادة على استئنافه كذلك.
فإن قلت: إن ما ذكر إنما يصحح صدق الإعادة إذا كان المأتي به صحيحا عند الشروع فيطرؤه الفساد بعد ذلك، وأما إذا كان فاسدا من أول الأمر كما إذا انكشف إيقاعها من غير طهارة فلا يتم ذلك.
قلت: قد يصحح ذلك بأن وقوع تلك الأفعال على وجه الفساد لا يقضي بعدم صدق الإتيان ببعض ذلك العمل، إذ لا يعتبر في صدق ذلك اتصاف ذلك البعض بالصحة لما عرفت من أن الصحة إنما يتصف بها في الحقيقة العمل بتمامه دون الأبعاض، واعتبارها في التسمية إنما هو بالنسبة إلى وضع اللفظ للكل، والمدار في صدق كون المأتي به بعضا من العمل أنه لو انضم اليه سائر الأجزاء والشرائط كان عملا تاما وهو كذلك في المقام، فقد يكتفى بالإتيان بذلك في صدق الإعادة بحسب العرف، ومن ذلك يظهر وجه آخر في الجواب عن الإيراد المتقدم.
ومع الغض عن ذلك فيمكن تصحيح إطلاق الإعادة في المقام بما سنذكره في الوجه الثاني.
ومع الغض عنه أيضا فالتزام التجوز في خصوص الصورة المفروضة في لفظ الإعادة أو اللفظ الموضوع لتلك العبادة غير مستنكر، وليس ذلك إلا كتجوزهم في إطلاق تلك الأسامي على العبادات الفاسدة.
وأما ثانيا فبأن المراد بالصلاة في قولهم: " أعد صلاتك أو يعيد صلاته " ونحوهما إما مطلق الصلاة من غير أن يكون إطلاقا لها على ما أوقعه من الفعل، فلا مانع من أن يراد به الفعل المخصوص الموافق لأمر الله تعالى، فيكون صدق الإعادة على فعله ثانيا من جهة إتيانه أولا بالفرد المفروض، على أنه أداء للصحيح وبملاحظة كونه إتيانا بتلك الطبيعة وإن لم يكن ما فعله أولا إتيانا بالصحيح بحسب الواقع، حتى يكون أداءا لذلك الفعل حقيقة، فإن غاية ما يعتبر