ولو وجد هناك بعض الصيغ على خلاف ذلك فيمكن القول بثبوت وضع ثانوي بالنسبة اليه ولا ينافي ذلك ما قررناه، إذ الأوضاع النوعية إنما تستفاد من ملاحظة غالب الألفاظ وتتبع معظم الموارد. هذا ما يقتضيه ظاهر النظر في المقام.
وأما ما يفضي اليه التحقيق بعد التأمل في المرام أن يقال بكون المشتقات موضوعة بإزاء مفاهيم الصفات المدلول عليها بها، فالعالم والقائم والقاعد والأحمر والأصفر ونحوها أسام للمفهومات المعينة والصفات المعلومة الجارية على الذوات المتحدة معها المحمولة عليها، فهي عنوانات لتلك الذوات ومفاهيم يصح التعبير عن تلك الذوات بها من جهة اتحادها معها واندراجها فيها، وهذا هو المراد باعتبار الذات المطلقة في تلك الأوصاف، فإن المقصود بذلك إجراؤها على الذوات والتعبير عن تلك الذوات بها وبالعكس، نظرا إلى اتحادها بها، لا أنه قد اعتبر هناك صريح مفهوم الذات جزء من مداليلها حتى يكون مفهوم " الضارب " هو ذات ثبت له الضرب ومفهوم " العالم " ذات ثبت له العلم... وهكذا وإن أمكن التعبير عنها بذلك حيث إنها جارية على تلك الذوات، فيقال: إن العالم ذات ثبت له العلم، كما أنه قد يقال ذلك في الجوامد أيضا فيقال: إن الحيوان ذات ثبت له الحس والحركة، وذلك لا يستدعي كون الذات جزء من مفاهيمها.
كيف! ولو كان كذلك لكانت مفاهيم تلك الألفاظ عبارة عن الموصوف والصفة معا فتكون دالة على كل من الأمرين بالتضمن، بل وعلى الاتصاف أيضا فيكون مفادها مفاد المركب التام أو الناقص، ومن البين خلافه، إذ لا يستفاد منها بحسب الوضع إلا معنى واحد ومفهوم فارد وضعي عنوان لذات متصفة بتلك المبادئ، غاية الأمر أن يقال بدلالتها على الذات والاتصاف بالالتزام، بناء على وضع اللفظ لتلك المفاهيم من حيث كونها جارية على الذوات بخلاف نفس المبادئ حيث لم تؤخذ عنوانا للذات ولا أجريت عليها وإنما وضعت للصفات المباينة لموصوفاتها.
وأيضا لو أخذ بظاهر التفسير المذكور كان المشتق اسما لنفس الذات المقيدة