الواقعية، كيف! ولولا ذلك لم يقم للمسلمين سوق لاختلافهم في أحكام الذبائح والجلود وغيرها، وكثير من العامة لا يشترطون الاسلام في المذكي ويحللون ذبائح أهل الكتاب، وجماعة منهم يقولون بطهر جلد الميتة بالدباغ، فلو لم نقل بأصالة حمل فعل المسلم على الصحة الواقعية لم يجز لنا أن نأخذ منهم شيئا من اللحوم والجلود مع عدم علمنا بحقيقة الحال، وهو خلاف الطريقة الجارية من لدن أعصار الأئمة (عليهم السلام) بل يجري ذلك أيضا بالنسبة إلى أهل الحق أيضا، لاشتباه العوام كثيرا في الأحكام فيزعمون صحة ما هو فاسد عند العلماء، فإذا كان مفاد الأصل المذكور مجرد إفادة الصحة بزعم العامل صعب الأمر جدا ولم يمكن الحكم بصحة شئ من العقود والإيقاعات ولم يجز أخذ شئ من اللحوم والجلود ولو من أهل الحق إلا بعد التجسس عما يعتقده ذلك الشخص وهو مما تقضي الضرورة بفساده.
ومع الغض عن ذلك - إذ قد يذب عنه ببعض الوجوه - فالاختلاف الحاصل بين علماء الفرقة وحكم بعضهم بفساد ما يزعم الآخر صحته كاف في ذلك، غاية الأمر أنه يحكم بصحة العقود والإيقاعات الواقعة على كل من تلك المذاهب بالنسبة إلى من لا يذهب اليه، ولا يجري ذلك في سائر المقامات كمباحث الطهارات والنجاسات وكثير من الأحكام، فالإشكال من جهته حاصل قطعا.
ثم بعد تسليم ما ذكر فعدم الاكتفاء بالصحيحة عند العامل محل منع.
نعم، إذا لم يكن مكلفا في حكم الشرع بالعمل به بأن لا يكون تكليفا شرعيا ولو ثانويا في حقه صح ما ذكر، للحكم بفساده شرعا كما في صلاة المخالفين وإن بذلوا جهدهم في تحصيل الحق وقلنا بإمكان عدم الوصول حينئذ إلى الحق، إذ غاية الأمر حينئذ معذوريتهم في عدم الإتيان بما تعلق بهم من التكاليف الواقعية وذلك لا يقضي بتعلق التكليف الثانوي بالإتيان بما زعموه، كما هو الحال بالنسبة إلى سائر الأديان.
وأما إذا كان ذلك مطلوبا منه في الشرع كما في الأحكام الثابتة باجتهاد أهل