اليه دفعناه بالأصل ولو قلنا بكون تلك الألفاظ أسامي للصحيحة الجامعة لجميع الأجزاء وشرائط الصحة، وذكر أن الوجه فيه أنه لو ثبت هناك جزء أو شرط آخر لعثرنا عليه ولحصل النقل بالنسبة اليه، لتوفر الدواعي إلى النقل وتحقق الحاجة بالنسبة إلى الكل، ولا فارق بين أجزائها وشرائطها في توفر الحاجة إلى كل منها، فكما حصل النقل فيما وصل ينبغي حصوله في غيره أيضا على فرض ثبوته في الواقع، فعدم وصوله الينا مع عظم الجدوى وعموم البلوى دليل على العدم، واستشهد لذلك بأن أكثر الفقهاء والأصوليين قائلون بكون تلك الألفاظ أسامي للصحيحة، كما هو ظاهر من تتبع الكتب الأصولية مع أنهم لا زالوا يجرون الأصل في العبادات بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط من غير فرق، كما يظهر من ملاحظة كتب الاستدلال سوى بعض المتأخرين منهم، فلا يبعد دعوى اتفاقهم عليه، والظاهر أن السر فيه هو ما بيناه.
ثم أورد على نفسه بأنه مع ملاحظة ذلك لا يكون عدم اعتبار ذلك الجزء أو الشرط مشكوكا فيه، كما هو المفروض للظن بعدمه حينئذ.
وأجاب بأن حصول الشك إنما هو في أول الأمر وأما بعد التتبع في كلمات الشارع والالتفات إلى الأصل فلا.
وأنت خبير بما فيه أما أولا: فلأنه لو تم لقضى بعدم وقوع النزاع في شئ من أجزاء العبادات وشرائطها، لقضاء عموم البلوى وعظم الحاجة والجدوى بعدم خفاء شئ منها على العلماء المتقنين الباذلين وسعهم في تحصيل أحكام الدين، إذ لو جاز ذلك بالنسبة إليهم لجاز بالنسبة الينا بالطريق الأولى، وفساده من أوضح الضروريات.
وأما ثانيا: فلأن دعوى عموم البلوى بجميع أجزاء العبادات وشرائطها على جميع الأحوال ممنوعة، كيف! وكثير منها إنما يتحقق الحاجة اليه في موارد خاصة نادرة، كما في مراتب التيمم بعد العجز عن تحصيل التراب، وأحكام اللباس بالنسبة إلى غير المتمكن من الثوب الطاهر، واعتبار ستر العورة بالطين ونحوه عند تعذر الستر بالمعتاد، وحكم القبلة في حال الاشتباه وعدم التمكن من