ثانيهما: أنهم أجمعوا على أنه اسم فاعل، فلو لم يكن المتصف به كذلك فاعلا حقيقة لما أجمعوا عليه عادة، وتوضيحه أنهم اتفقوا على كون لفظ " الضارب " اسما للفاعل فيما إذا أطلق على من انقضى عنه التلبس بذلك الفعل، فقد اتفقوا على صدق الفاعل عليه مع انقضاء تلبسه به وهو أيضا من جملة المشتقات، فظاهر إجماعهم يفيد كونه حقيقة لبعد كون اتفاقهم على صدق المجازي.
ويوهنه أن ما أجمعوا عليه كونه اسم فاعل بمعناه المصطلح دون معناه الاشتقاقي، ولو فرض إرادة ذلك فيمكن تصحيحه بإطلاق الفاعل حينئذ على المتلبس في الحال بالمعنى المتقدم، كما لا يخفى.
وقد يقرر ذلك بوجه آخر، وهو أن لفظ " الضارب " بالمعنى المذكور اسم فاعل حقيقة، للاتفاق عليه فقضية الاتفاق المذكور أن يكون استعمال اسم الفاعل بمعنى الماضي حقيقة.
وهو في الوهن كسابقه، نظرا إلى كونه من باب اشتباه العارض بالمعروض، وقد وقع منهم نظائر هذا الاشتباه في موارد أخرى، يأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى.
ثاني عشرها: أنهم قالوا في تعريف اسم الفاعل: " إنه ما اشتق من فعل لمن قام به " فظاهر لفظ " قام " هو القيام في الماضي، وقضية ذلك كونه حقيقة في خصوص الماضي، فلما قام الاجماع على كونه حقيقة في الحال في الجملة لزم حمله إذن على ما يعمها، وحمله على خصوص الحال بعيد جدا، كما أن حمله على ما يعم الثبوت ولو في الاستقبال مضافا إلى كونه أبعد من الوجه المذكور مدفوع بالإجماع، فدل ذلك على وضعه لمن تحقق فيه المبدأ في الجملة، سواء كان في الماضي أو في الحال، وهو المدعى.
والجواب أما عن الأول فبما عرفت من ضعف الاستناد إلى الأصل المذكور في إثبات اللغات، سيما فيما إذا كان الاستعمال في القدر المشترك غير متحقق الحصول كما في المقام.