كون الجميع أو معظمها خطأ بملاحظة الواقع. هذا بالنسبة إلى فقهاء أهل الحق مع عدم التقصير في الاجتهاد.
وأما فقهاء أهل الخلاف فليسوا فقهاء عندنا على سبيل الحقيقة (1) وهو ظاهر مع تقصيرهم في تحصيل الحق. وأما لو فرض بذل وسعهم في ذلك فغاية الأمر القول بكونهم معذورين، لا أنهم مكلفون شرعا بما أدى إليه اجتهادهم ليكون ذلك حكما شرعيا في شأنهم على نحو المخطئ من فقهاء أهل الحق، كما هو ظاهر من أصول المذهب، ويأتي تفصيل القول فيه في محله إن شاء الله.
ولما كان هذا الكتاب (2) موضوعا في الفقه وكان تعرضه لبيان الأصول من باب المقدمة اقتصر المصنف (رحمه الله) في المقام على بيان حد الفقه، وحيث كان الملحوظ بالبحث عندنا هو الكلام في أصول الفقه فبالحري أن نشير إلى حده.
فنقول: قد جرت طريقة القوم على بيان معناه الإضافي والعلمي، ومن البين أن المقصود في المقام هو الثاني، وأما بيان الأول فإما لإبداء المناسبة بينه وبين معناه العلمي، أو لدعوى انطباقه على المعنى العلمي بانحصار مفهومه الإضافي في الخارج بحسب المصداق في ذلك، وهو الذي حاوله جماعة منهم، ولذا جعلوا له حدين: أحدهما بحسب معناه الإضافي، والآخر بحسب معناه العلمي، مشيرين بذلك إلى أن بيان معناه الإضافي تحديد بحسب الحقيقة لهذا الفن نظرا إلى الدعوى المذكورة، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
ثم إنه قد يدعى كون لفظ " الأصول " حين إضافته إلى الفقه علما لهذا العلم، على أن يكون التقييد داخلا والقيد خارجا، وهو الظاهر من صاحب الوافية. وقد يشير إليه ظاهر الإطلاقات، إذ لا يبعد كون معنى الفقه مقصودا في استعمالات أصول الفقه.