تقديم الحقيقة على المجاز.
وأما على المختار فلكون انصرافه إلى الوجوب أقوى من انصراف الوجوب إلى النفسي، كيف! وأقصى الأمر بناء على ترجيح الوجوب الغيري رفع اليد عن كيفية الوجوب الظاهر من إطلاق الأمر، وأما مع ترجيح الندب فإنما يرفع اليد عن أصل الوجوب والثاني أبعد عن الظاهر بالنسبة إلى الأول.
نعم، على القول بكون الأمر حقيقة في خصوص الوجوب النفسي مجازا في غيره قد يشكل الحال في المقام من جهة دوران الأمر بين المجازين وزيادة الأول بلزوم التقييد معه أيضا.
ويمكن دفعه بأن حمله على الوجوب الغيري أقرب إلى الحقيقة من الحمل على الندب فبعد تعذر الحقيقة يتعين أقرب المجازات وإن لزم معه التزام التقييد أيضا، إذ لا يمنع ذلك من حمله على أقرب المجازات سيما بعد شهادة فهم العرف به، كيف! وهو الأصل في أمثال هذه المباحث وحصول الفهم المذكور بحسب العرف مما لا يداخله ريب بعد الرجوع إلى المخاطبات العرفية، ويعضده فهم الأصحاب وبناؤهم عليه حسب ما ادعاه بعض الأجلة في المقام.
وكأن هذا الوجه هو الأظهر في النظر، إلا أن يكون في المقام ما يرجح الحمل على الندب أو يجعله مكافئا للحمل على الوجوب على الوجه المذكور فيحمل على الندب أو يتوقف عن الحمل وذلك أمر آخر.
الثالث: الدوران بين الندب العيني والوجوب الكفائي، والظاهر حينئذ تقديم الوجوب الكفائي، لما عرفت من ترجيح دلالة الأمر على الوجوب على دلالته على سائر الخصوصيات، مضافا إلى كونه أوفق بالاحتياط، هذا على القول بكونه حقيقة في مطلق الطلب على ما هو المختار أو كونه حقيقة في خصوص الوجوب العيني، وأما على القول بكونه حقيقة في مطلق الوجوب مجازا في الندب فالأمر أظهر، لكونه من الدوران بين الحقيقة والمجاز.
وقد يشكل ذلك بملاحظة غلبة استعماله في الندب بالنسبة إلى إطلاقه