ببراءة الذمة إلى أن يعلم الشغل، لشموله لما إذا علم الاشتغال في الجملة أو لم يعلم بالمرة.
والتحقيق خلافه، فإن الظاهر الفرق بين الصورتين وما دل الدليل على حجية أصالة البراءة بالنسبة اليه إنما هو الصورة الثانية، وما يرجع إليها من الصورة الأولى بالآخرة، ويأتي تفصيل القول فيه إن شاء الله عند الكلام في أصالة البراءة.
وقد ظهر مما أشرنا اليه أنه لو لم يكن هناك توقف في صحة الإتيان ببعض أجزاء العبادة على بعض آخر كما في الزكاة صح إجراء الأصل فيه على القولين، حسب ما يأتي تفصيل القول فيه في محله إن شاء الله.
هذا، ولا يذهب عليك بعد ملاحظة ما قررناه أن الأصل في المسألة بحسب الثمرة مع القائل بوضع تلك الألفاظ للصحيحة إذا فرض عدم قيام الدليل على شئ من الطرفين، وعدم نهوض شئ من الحجج المذكورة للقولين وإن لزم التوقف حينئذ في تعيين الموضوع له، نظرا إلى وضوح عدم إجراء الأصل في تعيين موضوعات الألفاظ لكونها من الأمور التوقيفية المتوقفة على توقيف الواضع ولو على سبيل المظنة، فلا وجه لإثباتها بمجرد الأصل كما مرت الإشارة اليه، والظاهر أنه مما لا إشكال فيه ولا كلام.
وأما بالنسبة إلى ملاحظة تفريغ الذمة فلا بد من الإتيان بما شك في جزئيته أو شرطيته، ليحصل اليقين بتفريغ الذمة بعد تيقن الاشتغال، حسب ما أشرنا اليه ويأتي تفصيل القول فيه في محله.
ومما يستغرب من الكلام ما ذكره بعض الأعلام في المقام حيث حكم بإجراء الأصل فيما يشك فيه من الأجزاء والشرائط على القولين، وأسقط الثمرة المذكورة بالمرة من البين.
ومحصل كلامه: أنا إذا تتبعنا الأخبار والأدلة وتصفحنا المدارك الشرعية على قدر الوسع والطاقة ولم يثبت عندنا إلا أجزاء مخصوصة للعبادة وشرائط خاصة لها حكمنا بأنه لا يعتبر في تلك العبادة إلا تلك الأجزاء والشرائط الثابتة عندنا، فإن ادعى أحد جزئية شئ أو شرطيته من غير أن يقيم عليه دليلا تطمئن النفس