صدق الإعادة بحسب العرف كما عرفت.
فإن قلت: إنه على القول بكون الصلاة اسما للصحيحة لا يكون القدر الواقع منه بعد ابطال العمل بعضا من الصلاة لطرو الفساد الباعث على خروجه عن ذلك، فكما أنه على فرض إكماله فاسدا لا يندرج في الصلاة حقيقة فليس مع الاقتصار عليه بعضا من الصلاة أيضا، فالوجه المذكور إنما يتم على القول بكون الصلاة اسما للأعم.
قلت: لما كان الفعل قبل طرو المفسد متصفا بالصحة، ولذا يقال بعد طروه: " إنه أفسد عمله أو فسد عمله بكذا " ولا يصح القول ببطلان عمله من حين شروعه بكشف ما لحقه من المفسد عن فساده من أول الأمر: كان ذلك مصححا للحكم بإتيانه ببعض الصلاة الصحيحة وإن طرأه البطلان بعد ذلك.
وبالجملة: الصحة والفساد إنما يطرآن حقيقة على تمام العمل ويتصف الأبعاض بهما تبعا للكل، فإذا وقع بعض العمل على الوجه المعتبر اتصف بالصحة بملاحظة كونه بعضها من العمل الصحيح، فهو صحيح بالوجه المذكور قبل طرو المفسد من غير منافاة بين وقوعه صحيحا بالوجه المذكور وما طرأه من الفساد بعد ذلك، ولذا يصدق حينئذ دخوله في الصلاة على الوجه الصحيح، ويتعلق بذمته أداء المنذور فيما لو نذر أن يتصدق بدرهم، إذا دخل في الصلاة على الوجه الصحيح في الأماكن المكروهة.
بل حكم الشهيد (رحمه الله) بالحنث مع نذره عدم إيقاع الصلاة فيها بمجرد الدخول فيها صحيحا، والوجه فيه أنه يصدق عرفا مع الشروع في الفعل: أنه يصلي في ذلك المكان، والمفروض أنه نذر أن لا يصلي فيه، وعدم صدق الصلاة على ما أتى به بعد إفساده في الأثناء لا يقضي بعدم صحة إطلاق يصلي هناك على سبيل الحقيقة قبله، فإن الأفعال التدريجية يصح إسناد ذلك الفعل إلى المتلبس بها حقيقة على النحو المذكور قطعا (1).