ولأجل (1) * ذلك يقال: قد بين الله تعالى الاحكام والمراد بذلك انه دل عليها بان نصب عليها الأدلة فكان بذلك في حكم المظهر لها فكما يقال لما قد ظهر بان فكذلك يقال للمدلول عليه قد بان ويوصف الدال بأنه مبين يعلم بصحة تصرفها في جميع المواضع ان المراد به ما قلناه وتجاوزوا ذلك إلى أن قالوا في الامارات التي تقتضي غلبة الظن انه بيان كما قالوا فيها انها أدلة على ضرب من المجاز.
فان قيل: ما أنكرتم أن يكون البيان عبارة عن العلم الحادث الذي يتبين به الحكم دون الأدلة التي لا يتبين بها الحكم ولأجل ذلك (2) * لا يوصف الله تعالى بأنه متبين لما لم يكن له علم حادث ولا يقال في الواحد منا فيما يعلمه ضرورة انه متبين له لما لم يكن علمه حادثا وانما يوصف بما يتجدد له من العلوم التي تحدث حالا بعد حال.
قيل: لا يجوز أن يكون البيان عبارة عن العمل لأنه لو كان كذلك لكان من فعل هذه العلوم يكون هو المبين كما أن الدال يكون من فعل الدلالة ونحن نعلم انا نصف الله تعالى بأنه قد بين لنا الاحكام فهو مبين كما يقول إنه دلنا فهو دال ويسمى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا بذلك قال الله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم) (3) فجعله عليه السلام المبين لنا الاحكام وعلى ما سأل السائل كان يجب أن يكون نحن المبينين لان العلوم الحادثة فينا هي من فعلنا (4) * وذلك لا يقوله أحد فعلم بذلك ان الأولى ما قلناه.
واما التبين فلا يقع الا بالعلم على ما ذكره السائل (5) * ولأجل ذلك لم نصف الله