وثانيها: ما يفهم المراد به بفحواه لا بصريحه وذلك نحو قوله: ﴿ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما﴾ (١) فان فحواه يدل على المنع من أذاهما على كل وجه.
وكذلك قوله: ﴿ولا يظلمون فتيلا﴾ (٢) لأنه يقتضى فحواه نفى الظلم لهم بذلك وما زاد عليه.
وفي الفقهاء من الحق هذا الوجه بالقياس وزعم أن جميع ذلك يفهم بضرب من الاعتبار (٣) وذلك خطأ لان دلالة ما قدمناه من الألفاظ على ما قلناه أقوى من دلالة النص لان السامع لا يحتاج في معرفة المراد به إلى تأمل فهو إذا كالأول.
والذي يكشف عما قلناه انه لو قال: (ولا تقل لهما أف واضربهما أو اقتلهما أو اصفقهما) يعد بذلك مناقضا وكذلك لو قال رجل لغيره: (انا لا أعطيك حبة) ثم قال: (لكني أعطيك الدراهم واخلع عليك) كان ذلك مناقضة ظاهرة. ولو أن قائلا قال: (فلان يؤتمن على قنطار) ثم قال: (ويخون (٤) فيما قدر دانق) كان ذلك مناقضة فعلم بجميع ذلك صحة ما قلناه.
الا انه ربما كان بعضه اخفى (٥) من بعض وبعضه أظهر من بعض حتى يظن فيما ليس منه انه منه وفيما هو منه انه ليس منه ولأجل ذلك اعتقد أكثر الفقهاء في قوله تعالى: ﴿فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر﴾ (6) فقال: انه يعقل منه فأفطر فعدة من أيام اخر.