وذهب النحويون إلى أنه متى تأخر فالمراد به المتقدم لان له صدر الكلام.
ويقوى في نفسي انه لا فرق بين تقدمه وتأخره ولا يمتنع أن يجعل الشرط الواحد شرطا في أشياء كثيرة كما لا يمتنع أن يكون الشرط الواحد مشروطا بشروط كثيرة وذلك مثل قول القائل: (من دخل داري واكل طعامي وشرب شرابي فله درهم) فإنه يستحق الدرهم إذا دخل الدار واكل وشرب فاما بواحد منها فلا يستحق ذلك.
وكذلك يصح أن يقول: (ان دخلت الدار فلك خلعة ودراهم وطعام) فإنه متى دخل استحق جميع ذلك.
فتارة يكون الشرط واحد والمشروط أشياء وتارة يكون الشرط أشياء والمشروط واحد وكل ذلك جائز.
وقد الحق بهذا الباب تعليق الحكم بغاية لأنها تصير بمنزلة الشرط في ثبوت ذلك أو نفيه وذلك نحو قوله: ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾ (١) لأنه جعل تعالى نفى التطهير شرطا في حظر قربهن ووجوده مبيحا لذلك.
ونحو قوله: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر) إلى قوله: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ (٢) فجعل اعطاء الجزية حدا يجب عنده الكف عن قتالهم وزواله شرطا في ثبوت القتل.
وكذلك قوله: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾ (3) فجعل طلوع الفجر حدا يجب عنه الكف عن الطعام والشراب لمن أراد الصوم وعدمه مبيحا لذلك.
ونظائر ذلك كثيرة.