والثاني: انه إنما لم يحسن ذلك لأنه لا يفيد شيئا لان القائل إذا قال: (لزيد عندي عشرة الا ثلاثة) فقد أقر له بالسبعة فإذا قال بعد ذلك: (الا واحدا) فان رددناه إلى الجملتين معا لكان يجب ان ينقص من الثلاثة واحدا فيصير المستثنى منه ثمانية وكان يجب ان ينقص من الجملة الأولى أيضا واحدا فيرجع إلى السبعة فلا يفيد الا ما أفاد الاستثناء الأول ولا يكون لدخول الاستثناء الثاني فائدة.
قلنا (1): انه لابد أن يكون استثناء من الجملة التي يليها فيصير اقرارا بالثمانية ويكون ذلك مفيدا.
وليس لاحد ان يقول: هلا رددتموه إلى الجملة الأولى فحسب وجعلتم كأنه أقر بستة.
وذلك أن هذا لم يعتبره أحد لان أحدا لم يقل: انه يرجع إلى ما تقدم ولا يرجع إلى ما يليه ومع امكان أن يرجع إليه لان الناس بين قائلين: قائل يقول: انه يرجع إلى ما يليه وهو مقصور عليه وقائل يقول: يرجع إليهما وليس هاهنا من يقول: انه يرجع إلى ما تقدم ولا يرجع إلى ما يليه وذلك باطل بالاتفاق.
ولأن ذلك لو كان مردودا إليها لوجب دخول واو العطف (2) * فيه فيقول: (له عندي عشرة الا ثلاثة والا واحدا) حتى يكون اقرارا بالستة.
وقد أجاب بعض من نصر المذهب الذي اخترناه عن شبهة الاستثناء من الاستثناء بأن قال (3): الاستثناء من الايجاب نفى ومن النفي ايجاب ومحال أن يكون الشئ الواحد مثبتا ومنفيا.
وهذا ليس بصحيح وذلك أن المحال هو أن ينفى الشئ عن الحد الذي