واجه الشيخ الطوسي بعد هجرته إلى النجف الأشرف عام 448 ه ظروفا جديدة تختلف من أوجه عدة عن ظروف بغداد منها خلو النجف من تنافس مذهبي، وصراع فكري، وعدم وجود طبقة من كبار العلماء الذين يرتكز عليهم فن المناظرة والجدل، والهدوء الذي تمتعت به النجف بفضل ابتعادها عن التيارات السياسية، كل هذه الأمور أتاحت للشيخ الطوسي فرصة العمل بحرية كاملة، فأنشأ في النجف مدرسة ذات خصائص، من أهمها أن تكون الدراسة فيها ضمن حلقات يجتمع الشيخ فيها بتلاميذه ويملي عليهم معارفه في التفسير والحديث والرجال والفقه والأصول وغيرها، وقد قرأ بعض طلابه جميع تصانيفه بالغري وعند مشهد الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ودونت أمالي الشيخ الطوسي التي كان يلقيها على تلاميذه بكتاب يعرف اليوم " بأمالي الشيخ الطوسي " الذي احتوى على عدد مما يدود في تلك المجالس من أحاديث متنوعة.
فبناء على ما ذكرناه نستطيع أن نعد مدرسته الشيخ في النجف من المدارس المسجدية وليس من المدارس المستقلة عن الجوامع.
ومن الخصائص البارزة الأخرى لمدرسة النجف العلمية أنها أحاديثه المذهب تقوم فقط بتدريس علوم آل البيت عليهم السلام، ولم يكن ما ينافس المذهب الجعفري من المذاهب الاسلامية الأخرى في النجف ولذا اختلفت هذه المدرسة عن مدارس بغداد المعاصرة لها إذ كانت بعضها ثنائية المذهب أو أكثر، وقد أخذت مدرسة النجف منذ عام 448 ه في التقدم والتوسع حتى أصبحت أوسع وأهم جامعات