وقبلها محاضرته يوم 6 صفر سنة 458 ه وأملى فيها 4 روايات، وقبلها محاضرته في مجلس يوم الجمعة 3 ذي القعدة سنة 457 ه أملى فيها 5 روايات، فالعبد الزمني الشاسع بين هذه المجالس فضلا عن قلة الروايات التي أملاها الشيخ على مستمعيه بالقياس إلى مجالسه السابقة التي كان يملي فيها عشرات الأحاديث وفي فترات متقاربة خير دليل على ما قلناه.
وأخيرا توفي الشيخ الطوسي - رحمه الله تعالى - ليلة الاثنين الثاني والعشرون من محرم سنة 460 ه - كما هو المتفق عليه عند مترجمي الشيخ من الإمامية - عن خمس وسبعين سنة، وتولى غسله ودفنه عدد من تلاميذه كالشيخ حسن بن مهدي السليقي، وأبي محمد الحسن بن عبد الواحد العين زربي، والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي، ودفن في داره بوصية منه، ثم تحولت الدار بعده مسجدا - حسب وصيته - فصار من أشهر مساجد النجف الأشرف حيث عقدت فيه منذ تأسيسه حتى اليوم عشرات حلقات التدريس من قبل كبار علماء الشيعة ومجتهديهم، وظل قبر الشيخ طيلة القرون العشرة الماضية مزارا يتبرك به عامة الناس (1). وبقيت الجامعة الإسلامية والحوزة العلمية التي أسسها الشيخ حية، نابضة، فعالة، تمد العالم الاسلامي بمجموعة صالحة من العلماء الاعلام، وكان الشيخ أبي علي الطوسي أول من سد الفراغ الذي أحدثته وفاة أبيه في النجف الأشرف فتولى الحفاظ على استمراريتها وبقائها (وكانت الرحلة اليه والمعول عليه في التدريس والفتيا وإلقاء الحديث وغير ذلك من شؤون