البتة لأنه لا طريق له إلى العلم بأنه يقدر عليه أو لا يقدر عليه في المستقبل.
ولابد ان يعلم حسن المأمور به ويقصد بذلك وجها حسنا ولا يقوم الظن في ذلك مقام العلم والشرط لا يدخل في ذلك كما دخل في كونه قادرا ولأجل هذا لا يحسن منا ان نأمر غيرنا بفعل في الغد الا بشرط ان يكون قادرا عليه في الغد ولا يجوز ان نأمره بفعل لا نعلم حسنه في الحال فبان الفرق بين الامرين.
ولو أن قائلا سوى بين حسن الشرط في الامرين لم يكن ذلك بعيدا لان الواحد منا يأمر غلامه بان يرد وديعة انسان عليه في الغد ولابد من اشتراط كونه قادرا عليه في حال الرد ولابد من شرط كونه حسنا في ذلك الوقت أيضا لأنه لو عرض في حال الرد وجه من وجوه القبح من غصب ظالم لها أو غير ذلك من وجوه الفساد لم يحسن ردها في تلك الحال.
واما القصد بذلك وجها من وجوه الحسن فلابد منه على كل حال.
ومن الناس (1) من جوز في القديم تعالى أيضا (2) ان يأمر المكلف بشرط ان يبقى على كونه قادرا قبل حال الفعل بوقت والا يمنعه منه.
والصحيح الأول لان الشرط انما يصح فيمن لا يعلم العواقب فاما من يعلمها فلا يحسن منه ذلك.
ومتى قيل: انه يحسن ذلك ويكون ذلك الامر لطفا لغير هذا المكلف كان ذلك أيضا فاسدا لأنه لا يخلو من أن يكون المأمور نفسه ذلك الفعل مصلحة له أو لا يكون كذلك، فإن كان مصلحة له فيجب إقداره عليه والا يمنع منه وان لم يكن مصلحة له فلا يحسن ان يوجب عليه ما هو لطف للغير فلأجل ذلك قلنا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابد ان يكون له في تحمله أعباء الرسالة لطف ولولا ذلك لما وجب عليه