وقال قوم (1): هو مشترك بين القول وبين الفعل.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: ان أهل اللغة قسموا اقسام الكلام فسموا من جملتها قول القائل لمن هو دونه: (افعل) أمرا فينبغي أن يكون ذلك عبارة عنه ولو جاز لمخالف أن يخالف في ذلك لجاز أن يخالف في سائر ما سموه من اقسام الكلام مثل النهى والتخصيص والتمني والسؤال والخبر وغير ذلك فإذا كان جميع ذلك صحيحا مسلما فينبغي أن يكون ما ذكرناه مثله.
وأيضا: فإنهم فرقوا في هذه الصيغة بين كونها أمرا ودعاء ومسألة باعتبار الرتبة بان قالوا: إذا كان القائل فوق المقول له سمى أمرا وان كان دونه سمى سؤالا وطلبا ودعاء فلو جاز المخالفة في تسميته أمرا جاز المخالفة في تسميته سؤالا وطلبا وذلك لا يقوله أحد.
وليس لاحد ان يقول: ان تسميتهم لذلك بأنه امر لا خلاف فيه بل هو مسلم وانما الخلاف في أن غيره هل يسمى بذلك أم لا؟
لان من قال: ان (2) هذه الصيغة مشتركة بين القول والفعل يسلم صحة ذلك ويقول إنها تستعمل في الفعل (3) أيضا لأنا ندل على فساد هذه الدعوى فيما بعد انشاء الله تعالى.
والذي يدل على ما قلناه من أن هذه الصيغة حقيقة في القول دون الفعل