ولو كان الامر على ما قالوه لما كان لفرقهم بين هذه الصيغ معنى وقد علمنا أنهم فرقوا.
انما (١) قلنا ذلك لأنه إذا كان الاعتبار بإرادة المأمور على قولهم فلو صادف (٢) ذلك قول القائل (لا تفعل) لكان أمرا (٣) * وكك لو صادف كراهة ذلك لقوله (افعل) لكان نهيا وهذا يؤدى إلى أنه لا فرق بين هذه الصيغ والمعلوم من حال أهل اللغة خلاف ذلك.
ولا يلزمنا مثل ذلك بان يقال: أليس قد استعمل صيغة الخبر في الامر نحو قوله تعالى: ﴿من دخله كان امنا﴾ (٤) ونحو قوله تعالى: ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن﴾ (5) وما أشبه ذلك.
وكذلك استعمل صيغة الامر في النهى وغيره من الأقسام نحو الإباحة والتحدي والتكوين وغير ذلك.
لأنا نقول انما استعملوا ذلك على وجه المجاز دون الحقيقة.
فان قيل: ظاهر استعمالهم يدل على أنه حقيقة (6) * في الموضعين.
قيل له: لا نسلم ان نفس الاستعمال يدل على الحقيقة لان المجاز أيضا مستعمل وانما يعلم كون اللفظ حقيقة بان ينصوا لنا على انها حقيقة أو نجد اللفظة تطرد في كل موضعين أو غير ذلك من الأقسام التي قدمنا ذكرها فيما مضى للفرق بين الحقيقة والمجاز وليس مجرد الاستعمال من ذلك.