متوجهين إلى بيت المقدس فجاءهم مخبر فقال لهم: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حول قبلته إلى الكعبة، فداروا إلى التوجه إلى الكعبة (1)، وكان ذلك في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم نجده عليه السلام أنكر عليهم ذلك، فينبغي أن يكون على قانون طريقتهم يجوز النسخ بخبر الواحد، وذلك لا يقوله أحد (2).
وليس لهم أن يقولوا: ان أهل قباء كانوا قد علموا نسخ القبلة بغير ذلك الخبر، فلأجل ذلك عملوا به.
لان عليهم فيما استدلوا به من الاخبار مثله بأن يقال: وانما عملوا بتلك الأخبار لأنه كان سبق لهم العلم بما تضمنته تلك الأخبار، فذكروه عند حصولها كما قلتموه في أهل قباء حذو النعل بالنعل.
واستدلوا أيضا بما كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعثه رسله إلى الأطراف، وعماله، وسعاته إلى النواحي وأمره إياهم بالدعاء إلى الله تعالى وإلى رسوله وشريعته، فلولا ان القبول كان واجبا منهم، والا لم يكن لذلك فائدة (3).
وهذا لا يمكن الاعتماد عليه، لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث برسله ويأمرهم أولا بالدعاء إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا خلاف ان ذلك طريقة الدليل، وانه لا يجوز قبول خبر الواحد فيه، بل يجب الرجوع