تنكر عليهم فلولا ان العمل بها كان صحيحا جائزا والا كانوا قد أجمعوا على الخطأ وذلك لا يجوز.
والاستدلال بهذه الطريقة لا يصح من وجوه.
أحدها: ان هذه الأخبار التي رووها كلها أخبار آحاد، والطريق إلى أنهم عملوا بها أيضا أخبار آحاد، لأنها لو كانت متواترة لكانت توجب العلم الضروري عندهم (1)، ونحن لا نعلم ضرورة أن الصحابة عملت بأخبار الآحاد، فإذا لا يصح الاعتماد على هذه الأخبار، لان المعتمد عليها يكون أوجب العمل بخبر الواحد وذلك لا يجوز.
ولا خلاف أيضا بين الأصوليين في أن وجوب العمل بأخبار الآحاد طريقة العلم دون الظن واخبار الآحاد قد (2) دللنا على انها لا توجب العلم، فسقط من هذا الوجه الاحتجاج بهذه الطريقة.
والثاني: انا لو سلمنا انهم عملوا بهذه الاخبار، من أين لهم انهم عملوا بها من حيث كانت اخبار آحاد ومن أجلها؟ وما ينكرون على من قال: انهم عملوا لدليل دلهم على صحة ما تضمنته هذه الأخبار؟ أو قرينة اقترنت إليها أوجبت صحتها؟ أو يكون العامل بها كان قد سمع كما يسمع الراوي، فلما روي له ذلك تذكر ما كان نسيه فعمل به لأجل علمه لا لأجل روايته (3).