فيه لان كونه ناسخا للنص ينبئ عن أن النص بخلافه والقياس لا يصح إذا دفعه النص وخصه (1) * فكأن النسخ به يوجب النسخ بقياس فاسد وهذا لا يجوز.
وهذا بعينه يمكن أن يقال في المنع من تخصيص العموم به لان العموم أيضا نص وما يؤدى إلى تخصيصه ينبئ عن أن ظاهره بخلافه والقياس لا يصح إذا دفعه النص وكان التخصيص به يوجب التخصيص بقياس فاسد وهذا ما لا فصل فيه.
ويدل أيضا على ذلك: على أن القياس انما يسوغ (2) * مع عدم النص للاضطرار إليه وعموم الكتاب نص يغنى عنه ولا يسوغ استعماله وخلافه نص حتى يخص به.
وليس لهم ان يقولوا: انه إذا خص العموم به يكون مستعملا فيما لا نص عليه لأنه قد يبين به انه لم يرد ذلك بالعموم وإذا لم يكن (3) مرادا به فقد استعمل القياس فيما لم يدخل تحت النص.
وذلك أن الذي قالوه غير صحيح لأنه لو لم يستعمل ذلك القياس لكان ما يتناوله داخلا تحت النص فيجب بطلانه لأنه قد استعمل فيما لولاه لدخل تحت النص.
فان قالوا: النص انما يتناول ذلك لو لم يصح القياس فاما إذا صح ذلك القياس لم يدخل تحته فقد حصل ان القياس إذا استعمل فيما يخص به العموم لا يكون مستعملا فيما تناوله.
قيل لهم: ومن سلم ان القياس الذي يوجب تخصيص العموم قياس صحيح؟
وليس يعلم أن من قال بالمنع من تخصيص العموم به يقول: ان بظاهر العموم احكم بأن كل قياس يؤدى إلى تخصيصه قياس باطل.
ولو سلم ان ذلك قياس صحيح لكان قد سلمت المسألة.