اليمن بكمالها وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة رحمه الله وأكرمه. ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأختار الله له ما عنده من الكرامة قام بالامر بعده خليفته أبو بكر الصديق فلم شعث ما وهى بعد موته صلى الله عليه وسلم وأخذ جزيرة العرب ومهدها وبعث جيوش الاسلام إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد رضي الله عنه ففتحوا طرفا منها وقتلوا خلقا من أهلها. وجيشا آخر صحبة أبي عبيدة رضي الله عنه ومن أتبعه من الامراء إلى أرض الشام، وثالثا صحبة عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى بلاد مصر، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها وتوفاه الله عز وجل واختار له ما عنده من الكرامة. ومن على أهل الاسلام بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق فقام بالامر بعده قياما تاما لم يدر الفلك بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله، وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها وديار مصر إلى آخرها وأكثر إقليم فارس. وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته وقصر قيصر. وانتزع يده عن بلاد الشام وانحدر إلى القسطنطينية، وأنفق أموالهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة، ثم لما كانت الدولة العثمانية امتدت الممالك الاسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد لصين، وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدا، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها " فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله فنسأل الله الايمان به وبرسوله والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا.
قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر ابن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقو: " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا " ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عني فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال قال " كلهم من قريش " ورواه البخاري من حديث شعبة عن عبد الملك بن عمير به، وفي رواية لمسلم أنه قال ذلك عشية رجم ماعز بن مالك وذكر معه أحاديث أخر وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادل وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرا من أولئك لم يكن لهم من الامر شئ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش يلون فيعدلون وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة ثم لا يشترط أن يكون متتابعين بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا، وقد وجد منهم أربعة على الولاء وهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم ثم كانت بعدهم فترة ثم وجد منهم من شاء الله، ثم قد يوجد منهم من بقي في الوقت الذي يعلمه الله تعالى، ومنهم المهدي الذي أسمه يطابق أسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته كنيته يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد بن جهمان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا " وقال الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا " الآية قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وإلى عبادته وحده لا شريك له سرا، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموها فأمرهم الله بالقتال، فكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فصبروا على