يؤذن لهم وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا وإذا قالوا لم ينصف لهم حوائج أحدهم تتجلجل في صدره لو قسم نوره يوم القيامة بين الناس لوسعهم " قال وأنشدني عمر بن شيبة عن ابن عائشة قال: قال عبد الله بن المبارك:
ألا رب ذي طمرين في منزل غدا * زرابيه مبثوثة ونمارقه قد اطردت أنواره حول قصره * وأشرق والتفت عليه حدائقه وروي أيضا من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا " قال الله: من أغبط أوليائي عندي مؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من صلاة أحسن عبادة ربه وأعطاه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع إن صبر على ذلك " قال ثم أنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال " عجلت منيته وقل تراثه وقلت بواكيه " وعن عبد الله بن عمرو قال: أحب عباد الله إلى الله الغرباء قيل ومن الغرباء؟ قال الفرارون بدينهم يجمعون يوم القيامة إلى عيسى ابن مريم. وقال الفضيل بن عياض بلغني أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ألم أنعم عليك ألم أعطك ألم أسترك؟ ألم... ألم... ألم أجمل ذكرك ثم قال الفضيل إن استطعت أن لا تعرف فافعل وما عليك أن لا يثنى عليك وما عليك أن تكون مذموما عند الناس محبوبا عند الله. وكان ابن محيريز يقول اللهم إني أسألك ذكرا خاملا وكان الخليل بن أحمد يقول اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك واجعلني في نفسي من أوضع خلقك وعند الناس من أوسط خلقك ثم قال:
(باب ما جاء في الشهرة) حدثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا ابن وهب عن عمر بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " حسب امرئ من الشر - إلا من عصم الله - أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه وإن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم " وروي مثله عن إسحاق بن البهلول عن ابن أبي فديك عن محمد بن عبد الواحد الأخنسي عن عبد الواحد بن أبي كثير عن جابر بن عبد الله مرفوعا مثله وروى عن الحسن مرسلا نحوه فقيل للحسن فإنه يشار إليك بالأصابع فقال إنما المراد من يشار إليه في دينه بالبدعة وفي دنياه بالفسق: وعن علي رضي الله عنه قال: لا تبدأ لان تشتهر ولا ترفع شخصك لتذكر وتعلم واكتم واصمت تسلم تسر الأبرار وتغيظ الفجار وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: ما صدق الله من أحب الشهرة وقال أيوب ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يشعر بمكانه وقال محمد بن العلاء من أحب الله أحب أن لا يعرفه الناس وقال سماك بن سلمة إياك وكثرة الأخلاء وقال أبان بن عثمان إن أحببت أن يسلم إليك دينك فأقل من المعارف كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة نهض وتركهم وقال حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن عوف عن أبي رجاء قال: رأى طلحة قوما يمشون معه فقال ذباب طمع وفراش النار وقال ابن إدريس عن هارون بن أبي عيسى عن سليم بن حنظلة قال: بينا نحن حول أبي إذ علاه عمر بن الخطاب بالدرة وقال:
إنها مذلة للتابع وفتنة للمتبوع. وقال ابن عون عن الحسن خرج ابن مسعود فاتبعه أناس فقال والله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان وقال حماد بن زيد كنا إذا مررنا على المجلس ومعنا أيوب فسلم ردوا ردا شديدا فكان ذلك نعمة وقال عبد الرزاق عن معمر كان أيوب يطيل قميصه فقيل له في ذلك فقال إن الشهرة فيما مضى كانت في طول القميص واليوم في تشميره. واصطنع مرة نعلين على حذو نعلي النبي صلى الله عليه وسلم فلبسهما أياما ثم خلعهما وقال لم أر الناس يلبسونهما وقال إبراهيم النخعي لا تلبس من الثياب ما يشهر في ألفتها ولا ما يزدريك السفهاء. وقال الثوري كانوا يكرهون من الثياب الجياد التي يشتهر بها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه. وحدثنا خالد بن خداش حدثنا حماد عن أبي حسنة صاحب الزيادي قال: كنا عند أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية فقال إياكم وهذا الحمار النهاق وقال الحسن رحمه الله إن قوما جعلوا الكبر في قلوبهم والتواضع في ثيابهم فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرق بمطرقه ما لهم