وكان عبد الله بن هشام يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله رواه البخاري، وأما مقدار سن الأضحية فقد روى مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " ومن ههنا ذهب الزهري إلى أن الجذع لا يجزئ وقابله الأوزاعي فذهب إلى أن الجذع يجزئ من كل جنس وهما غريبان، والذي عليه الجمهور إنما يجزئ الثني من الإبل والبقر والمعز أو الجذع من الضأن، فأما الثني من الإبل فهو الذي له خمس سنين ودخل في السادسة، ومن البقر ما له سنتان ودخل في الثالثة، وقيل ما له ثلاث ودخل في الرابعة ومن المعز ما له سنتان، وأما الجذع من الضأن فقيل ما له سنة وقيل عشرة أشهر، وقيل ثمانية، وقيل ستة أشهر وهو أقل ما قيل في سنه وما دونه فهو حمل والفرق بينهما أن الحمل شعر ظهره قائم، والجذع شعر ظهره نائم قد انفرق صدغين والله أعلم.
* إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور (38) يخبر تعالى أنه يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شر الأشرار وكيد الفجار ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم كما قال تعالى " أليس الله بكاف عبده " وقال " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا " وقوله " إن الله لا يحب كل خوان كفور " أي لا يحب من عباده من اتصف بهذا وهو الخيانة في العهود والمواثيق لا يفي بما قال، والكفر الجحد للنعم فلا يعترف بها.
أذن للذين يقتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39) الذين أخرجوا من ديرهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع صلوات ومسجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40) قال العوفي عن ابن عباس نزلت في محمد وأصحابه حين أخرجوا من مكة، وقال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كابن عباس وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم هذه أول آية نزلت في الجهاد واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية، وقال ابن جرير حدثني يحيى بن داود الواسطي حدثنا إسحاق بن يوسف عن سفيان عن الأعمش عن مسلم هو البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن، قال ابن عباس فأنزل الله عز وجل " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه فعرفت أنه سيكون قتال. ورواه الإمام أحمد عن إسحاق بن يوسف الأزرق به، وزاد قال ابن عباس وهي أول آية نزلت في القتال.
رواه الترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما وابن أبي حاتم من حديث إسحاق بن يوسف زاد الترمذي ووكيع كلاهما عن سفيان الثوري به وقال الترمذي حديث حسن وقد رواه غير واحد عن الثوري وليس فيه ابن عباس وقوله " وإن الله على نصرهم لقدير " أي هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال ولكن هو يريد من عباده أن يبذلوا جهدهم في طاعته كما قال " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أو زارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض، والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم " وقال تعالى " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم " وقال " أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون " وقال " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " وقال " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " والآيات