وعدك من نصره إياك عليهم وجعله العاقبة لك لا مرية فيه ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتبع بل الحق كله منحصر فيه قال سعيد عن قتادة نادى رجل من الخوارج عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الغداة فقال: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأنصت له علي حتى فهم ما قال فأجابه وهو في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقد رواه ابن جرير من وجه آخر فقال: حدثنا وكيع حدثنا يحيى بن آدم عن شريك عن عثمان عن أبي زرعة عن علي بن ربيعة قال: نادى رجل من الخوارج عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الفجر فقال (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون). (طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي علي بن الجعد أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن ابن يحيى قال صلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة الفجر فناداه رجل من الخوارج (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. (ما روي في فضل هذه السورة الشريفة واستحباب قراءتها في الفجر) قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير سمعت شبيب بن روح يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ فيها الروم فأوهم فلما انصرف قال " إنه يلبس علينا القرآن فإن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء فمن شهد منكم الصلاة معنا فليحسن الوضوء " وهذا إسناد حسن ومتن حسن وفيه سر عجيب. ونبأ غريب وهو أنه صلى الله عليه وسلم تأثر بنقصان وضوء من ائتم به فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الامام. آخر تفسير سورة الروم ولله الحمد والمنة.
سورة لقمان بسم الله الرحمن الرحيم ألم (1) تلك آيات الكتب الحكيم (2) هدى ورحمة للمحسنين (3) الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5) تقدم في أول سورة البقرة عامة الكلام على ما يتعلق بصدر هذه السورة وهو أنه سبحانه وتعالى جعل هذا القرآن هدى وشفاء ورحمة للمحسنين وهم الذين أحسنوا العمل في اتباع الشريعة فأقاموا الصلاة المفروضة بحدودها وأوقاتها وما يتبعها من نوافل راتبة وغير راتبة وآتوا الزكاة المفروضة عليهم إلى مستحقيها ووصلوا أرحامهم وقراباتهم وأيقنوا بالجزاء في الدار الآخرة فرغبوا إلى الله في ثواب ذلك لم يراءوا به ولا أرادوا جزاء من الناس ولا شكورا فمن فعل ذلك كذلك فهو من الذين قال الله تعالى (أولئك على هدى من ربهم) أي على بصيرة وبينة ومنهج واضح جلي (وأولئك هم المفلحون) أي في الدنيا والآخرة.
ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (6) وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم (7) لما ذكر تعالى حال السعداء وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه كما قال تعالى (الله نزل أحسن الحديث