وغير واحد. وفي الصحيحين أنه يقال يوم القيامة لليهود ما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد عزير ابن الله. فيقال كذبتم ما اتخذ الله من ولد ماذا تبغون؟ فيقولون يا رب عطشنا فاسقنا فيقال ألا ترون؟ فتمثل لهم النار كأنها سرب يحطم بعضها بعضا فينطلقون فيتهافتون فيها، وهذا المثال مثال لذوي الجهل المركب فأما أصحاب الجهل البسيط وهم الطماطم الأغشام المقلدون لائمة الكفر الصم البكم الذي لا يعقلون فمثلهم كما قال تعالى " أو كظلمات في بحر لجي " قال قتادة " لجي " هو العميق " يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها " أي لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يعرف حال من يقوده ولا يدري أين يذهب بل كما يقال في المثل للجاهل أين تذهب؟ قال معهم قيل فإلى أين يذهبون؟ قال لا أدري. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما " يغشاه موج " الآية يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر وهي كقوله " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم " الآية وكقوله " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة " الآية، وقال أبي بن كعب في قوله تعالى " ظلمات بعضها فوق بعض " فهو يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار، وقال السدي والربيع بن أنس نحو ذلك أيضا، وقوله تعالى " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " أي من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر كقوله " من يضلل الله فلا هادي له " وهذا في مقابلة ما قال في مثل المؤمنين " يهدي الله لنوره من يشاء " فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا وعن أيماننا نورا وعن شمائلنا نورا وأن يعظم لنا نورا.
ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صفت كل قد علم صلاته وتسبيحة والله عليم بما يفعلون (41) ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير (42) يخبر تعالى أنه يسبح له من في السماوات والأرض أي من الملائكة والأناسي والجان والحيوان حتى الجماد كما قال تعالى " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن " الآية وقوله تعالى " والطير صافات " أي في حال طيرانها تسبح ربها وتعبده بتسبيح ألهمها وأرشدها إليه وهو يعلم ما هي فاعلة ولهذا قال تعالى " كل قد علم صلاته وتسبيحه " أي كل قد أرشده إلي طريقته ومسلكه في عبادة الله عز وجل. ثم أخبر أنه عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه من ذلك شئ ولهذا قال تعالى " والله عليم بما يفعلون ثم أخبر تعالى أن له ملك السماوات والأرض فهو الحاكم المتصرف الاله المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له ولا معقب لحكمه " وإلى الله المصير " أي يوم القيامة فيحكم فيه بما يشاء " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا " الآية فهو الخالق المالك الاله الحكم في الدنيا والاخرى وله الحمد في الأولى والآخرة.
ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار (43) يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لاولي الأبصار (44) يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة وهو الازجاء " ثم يؤلف بينه " أي يجمعه بعد تفرقه " ثم يجعله ركاما " أي متراكما أي يركب بعضه بعضا " فترى الودق " أي المطر " يخرج من خلاله " أي من خلله وكذا قرأها ابن عباس والضحاك، قال عبيد بن عمير الليثي يبعث الله المثيرة فتقم الأرض قما ثم