ترك فقير إلى ما قدم، فاتقوا الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم، ثم جعل طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله. وقال ابن أبي حاتم حدثنا يحيى بن نصير الخولاني ثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن حسن بن عبد الله أن رجلا مصابا مر به على عبد الله بن مسعود فقرأ في أذنه هذه الآية " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق " حتى ختم السورة فبرأ فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بماذا قرأت في أذنه "؟ فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال " وروى أبو نعيم من طريق خالد بن نزار عن سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " قال فقرأناها فغنمنا وسلمنا. وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا إسحاق بن وهب العلاف الواسطي حدثنا أبو المسيب سالم بن سلام حدثنا بكر بن حبيش عن نهشل بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا السفينة: بسم الله الملك الحق، وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات يمينه سبحانه وتعالى عما يشركون، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ".
ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون (117) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين (118) يقول تعالى متوعدا من أشرك به غيره وعبد معه سواء ومخبرا أن من أشرك بالله لا برهان له أي لا دليل له على قوله فقال تعالى " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به " وهذه جملة معترضة وجواب الشرط في قوله " فإنما حسابه عند ربه " أي الله يحاسبه على ذلك، ثم أخبر " إنه لا يفلح الكافرون " أي لديه يوم القيامة لا فلاح لهم ولا نجاة. قال قتادة ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل " ما تعبد؟ " قال أ عبد الله وكذا وكذا حتى عد أصناما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك؟ " قال: الله عز وجل. قال " فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟ " قال: الله عز وجل. قال " فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه أم حسبت أن تغلب عليه " قال: أردت شكره بعبادة هؤلاء معه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعلمون ولا يعلمون " فقال الرجل بعد ما أسلم لقيت رجلا خصمني. هذا مرسل من هذا الوجه، وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسندا عن عمران بن الحصين عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك. وقوله تعالى " وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين " هذا إرشاد من الله تعالى إلى هذا الدعاء، فالغفر إذا أطلق معناه محو الذنب وستره عن الناس، والرحمة معناها أن يسدده ويوفقه في الأقوال والافعال. آخر تفسير سورة المؤمنون.
سورة النور:
بسم الله الرحمن الرحيم سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينت لعلكم تذكرون (1) الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2)