صادقة. وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله ولكن أسري بروحه. قال ابن إسحاق فلم ينكر ذلك من قولها لقول الحسن إن هذه الآية نزلت " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " ولقول الله في الخبر عن إبراهيم " إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى " قال ثم مضى على ذلك فعرفت أن الوحي يأتي للأنبياء من الله أيقاظا ونياما فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " تنام عيناي وقلبي يقظان " والله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين من الله فيه ما عاين على أي حالاته كان نائما أو يقظانا كل ذاك حق وصدق انتهى كلام ابن إسحاق. وقد تعقبه أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالرد والانكار والتشنيع بأن هذا خلاف ظاهر سياق القرآن وذكر من الأدلة على رده بعض ما تقدم والله أعلم " فائدة حسنة جليلة " روى الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب دلائل النبوة من طريق محمد بن عمر الواقدي حدثني مالك بن أبي الرجال عن عمر بن عبد الله عن محمد بن كعب القرظي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة إلى قيصر فذكر وروده عليه وقدومه إليه. وفي السياق دلالة عظيمة على وفور عقل هرقل ثم استدعى من بالشام من التجار فجئ بأبي سفيان صخر بن حرب وأصحابه فسألهم عن تلك المسائل المشهورة التي رواها البخاري ومسلم كما سيأتي بيانه وجعل أبو سفيان يجهد أن يحقر أمره ويصغره عنده. قال في هذا السياق عن أبي سفيان: والله ما منعني من أن أقول عليه قولا أسقطه من عينه إلا أني أكره أن أكذب عنده كذبة يأخذها علي ولا يصدقني في شئ. قال حتى ذكرت قوله ليلة أسري به قال فقلت أيها الملك ألا أخبرك خبرا تعرف أنه قد كذب؟ قال وما هو قال قلت إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيلياء ورجع إلينا تلك الليلة قبل الصباح. قال وبطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال بطريق إيلياء قد علمت تلك الليلة قال فنظر إليه قيصر وقال وما علمك بهذا؟
قال إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كان تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني فاستعنت عليه بعمالي ومن يحضرني كلهم معالجة فغلبنا فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلا فدعوت إليه النجاجرة فنظروا إليه فقالوا إن هذا الباب سقط عليه النجاف والبنيان ولا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتى. قال فرجعت وتركت البابين مفتوحين. فلما أصبحت غدوت عليهما فإذا الحجر الذي في زاوية المسجد مثقوب وإذا فيه أثر مربط الدابة قال فقلت لأصحابي ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي وقد صلى الليلة في مسجدنا وذكر تمام الحديث: " فائدة " قال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه " التنوير في مولد السراج المنير " وقد ذكر حديث الاسراء من طريق أنس وتكلم عليه فأجاد وأفاد ثم قال: وقد تواترت الروايات في حديث الاسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصعة وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء وصهيب الرومي وأم هانئ وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين منهم من ساقه بطوله ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة فحديث الاسراء أجمع عليه المسلمون وأعرض عنه الزنادقة والملحدون " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ".
وآتينا موسى الكتب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا (2) ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا (3) لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم عطف بذكر موسى عبده ورسوله وكليمه أيضا فإنه تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد عليهما من الله الصلاة والسلام وبين ذكر التوراة والقرآن، ولهذا قال بعد ذكر الاسراء