قال فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقد قطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم. رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي الطبري في كتاب السنة له ولهذا قال تعالى (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) كما قال تعالى (فلينظر الانسان إلى طعامه أنا صبينا الماء صبا) الآية ولهذا قال ههنا (أفلا يبصرون) وقال ابن أبي نجيح عن رجل عن ابن عباس في قوله (إلى الأرض الجرز) قال هي التي لا تمطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا إلا ما يأتيها من السيول وعن ابن عباس ومجاهد هي أرض باليمن وقال الحسن رحمه الله هي قرى فيما بين اليمن والشام. وقال عكرمة والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد الأرض الجرز التي لا نبات فيها وهي مغبرة قلت وهذا كقوله تعالى (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها) الآيتين.
ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين (28) قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون (29) فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون (30) يقول تعالى مخبرا عن استعجال الكفار ووقوع بأس الله بهم وحلول غضبه ونقمته عليهم استبعادا وتكذيبا وعنادا (ويقولون متى هذا الفتح) أي متى تنصر علينا يا محمد؟ كما تزعم أن لك وقتا تدال علينا وينتقم لك منا فمتى يكون هذا ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين ذليلين قال الله تعالى (قل يوم الفتح) أي إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الآخرة (لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) كما قال تعالى (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم) الآيتين. ومن زعم أن المراد هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة وأخطأ فأفحش فإن يوم الفتح قد قبل رسول اله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء وقد كانوا قريبا من ألفين ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله (فافتح بيني وبينهم فتحا) الآية وكقوله (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق) الآية وقال تعالى (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) وقال تعالى (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) وقال تعالى (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) ثم قال تعالى (فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون) أي أعرض عن هؤلاء المشركين وبلغ ما أنزل إليك من ربك كقوله تعالى (اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو) الآية وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعدك وسينصرك على من خالفك إنه لا يخلف الميعاد وقوله (إنهم منتظرون) أي أنت منتظر وهم منتظرون ويتربصون بكم الدوائر (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) وستري أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله في نصرتك وتأييدك وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك من وبيل عقاب الله لهم وحلول عذابه بهم وحسبنا الله ونعم الوكيل. آخر تفسير سورة السجدة ولله الحمد والمنة.
سورة الأحزاب قال الإمام أحمد حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر قال: قال لي أبي بن كعب كأين تقرأ سورة الأحزاب أو كأين تعدها؟ قال قلت ثلاثا وسبعين آية فقال قط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ورواه النسائي من وجه آخر عن عاصم وهو ابن أبي النجود وهو أبو بهدلة به وهذا إسناد حسن وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا والله أعلم.