ابن عبيد بن عمير كان سليمان يأمر الريح فتجتمع كالطود العظيم كالجبل ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ثم يدعو بفرس من ذوات الأجنحة فترتفع حتى يصعد على فراشه ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون السماء وهو مطأطئ رأسه ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله عز وجل وشكرا لا يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله عز وجل حتى تضعه الريح حيث شاء أن تضعه وقوله " ومن الشياطين من يغوصون له " أي في الماء يستخرجون اللآلئ والجواهر وغير ذلك " ويعملون عملا دون ذلك " أي غير ذلك كما قال تعالى " والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد " وقوله " وكنا لهم حافظين " أي يحرسه الله أن يناله أحد من الشياطين بسوء بل كل في قبضته وتحت قهره لا يتجاسر أحد منهم على الدنو إليه والقرب منه بل هو يحكم فيهم إن شاء أطلق وإن شاء حبس منهم من يشاء ولهذا قال " وآخرين مقرنين في الأصفاد ".
وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (83) فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعبدين (84) يذكر تعالى عن أيوب ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده وذلك أنه كان له من الدواب والانعام والحرث شئ كثير وأولاد كثيرة ومنازل مرضية فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره ثم أبتلي في جسده يقال بالجذام في سائر بدنه ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما الله عز وجل حتى عافه الجليس وأفرد في ناحية من البلد ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجته كانت تقوم بأمره ويقال إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من أجله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل " وفي الحديث الآخر " يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه " وقد كان نبي الله أيوب عليه السلام غاية في الصبر وبه يضرب المثل في ذلك. وقال يزيد بن ميسرة لما ابتلى الله أيوب عليه السلام بذهاب الأهل والمال والولد ولم يبق شئ له أحسن الذكر ثم قال: أحمدك رب الأرباب الذي أحسنت إلي أعطيتني المال والولد فلم يبق من قلبي شعبة آلا قد دخله ذلك فأخذت ذلك كله مني وفرغت قلبي فليس يحول بيني وبينك شئ لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت حسدني. قال فلقي إبليس من ذلك منكرا قال وقال أيوب عليه السلام يا رب إنك أعطيتني المال والولد فلم يقم على بابي أحد يشكوني لظلم ظلمته وأنت تعلم ذلك وإنه كان يوطأ لي الفراش فأتركها وأقول لنفسي: يا نفس إنك لم تخلقي لوطئ الفراش ما تركت ذلك إلا ابتغاء وجهك. رواه ابن أبي حاتم وقد روي عن وهب بن منبه في خبره قصة طويلة ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه وذكرها غير واحد من متأخري طويلة ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه وذكرها غير واحد من متأخري المفسرين وفيها غرابة تركناها لحال لطول وقد روى أنه مكث في البلاء مدة طويلة ثم اختلفوا في السبب المهيج له على هذا الدعاء فقال الحسن وقتادة ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين وأشهرا ملقى على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده ففرج الله عنه وأعظم له الاجر وأحسن عليه الثناء. وقال وهب بن منبه مكث في البلاء ثلاث سنين لا يزيد ولا ينقص وقال السدي: تساقط لحم أيوب حتى لم يبق إلا العصب والعظام فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالرماد يكون فيه فقالت له امرأته لما طال وجعه يا أيوب لو دعوت ربك يفرج عنك فقال قد عشت سبعين سنة صحيحا فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة فجزعت من ذلك فخرجت فكانت تعمل للناس بالاجر وتأتيه بما تصيب فتطعمه وإن إبليس انطلق إلى رجلين من أهل فلسطين كانا صديقين له وأخوين فأتاهما فقال أخوكما أيوب أصابه من البلاء كذا وكذا فاتياه وزوراه واحملا معكما من خمر أرضكما فإنه إن شرب منه برئ فأتياه فلما نظرا إليه بكيا فقال من أنتما فقالا نحن فلان وفلان فرحب بهما وقال مرحبا بمن لا يجفوني عند البلاء فقالا يا أيوب لعلك كنت تسر شيئا وتظهر غيره فلذلك ابتلاك الله فرفع رأسه إلى السماء فقال: هو يعلم ما أسررت شيئا أظهرت غيره ولكن ربي ابتلاني لينظر أأصبر أم أجزع فقالا له يا أيوب اشرب من خمرنا فإنك