الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال كل ما عصي الله به فهو كبيرة، وقد ذكر الطرفين فقال " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب كما قال بعض السلف: النظر سهم سم إلى القلب. ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الابصار التي هي بواعث إلى ذلك فقال تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا كما قال تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون " الآية وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " " ذلك أزكى لهم " أي أطهر لقلوبهم واتقى لدينهم كما قيل من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته، ويروى في قلبه. وروى الإمام أحمد حدثنا عتاب حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا يحيي بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها " وروي هذا مرفوعا عن ابن عمر وحذيفة وعائشة رضي الله عنهم ولكن في أسانيدها ضعف إلا أنها في الترغيب ومثله يتسامح فيه، وفي الطبراني من طريق عبيد الله بن يزيد عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا " لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم ولتقيمن وجوهكم أو لتكسفن وجوهكم " وقال الطبراني حدثنا أحمد بن زهير التستري قال: قرأنا على محمد بن حفص بن عمر الضرير المقري حدثنا يحيي بن أبي بكير حدثنا هريم بن سفيان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوتها في قلبه " وقوله تعالى " إن الله خبير بما يصنعون " كما قال تعالى " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " وفى الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، وزنا الاذنين الاستماع، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين الخطى، والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " رواه البخاري تعليقا ومسلم مسندا من وجه آخر بنحو ما ذكر. وقد قال كثير من السلف إنهم كانوا ينهون أن يحد الرجل نظره إلى الامرد وقد شدد كثير من أئمة الصوفية في ذلك وحرمه طائفة من أهل العلم لما فيه من الافتتان وشدد آخرون في ذلك كثيرا جدا. وقال ابن أبي الدنيا حدثنا أبو سعيد المدني حدثنا عمر بن سهل المازني حدثني عمر بن محمد بن صهبان عن صفوان بن سليم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت في سبيل الله وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عز وجل ".
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون (31) هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرة منه لأزواجهن عباده المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات. وكان سبب نزول هذه الآية ما ذكره مقاتل بن حيان قال: بلغنا والله أعلم أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث أن أسماء بنت مرثد كان في محل لها في بنى حارثه فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات