يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال كان أبو بكر يخطبنا فيذكر بدء خلق الانسان حتى إن أحدنا ليقذر نفسه يقول: خرج من مجرى البول مرتين. وقال الشعبي من قتل اثنين فهو جبار ثم تلا (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض) وقال الحسن عجبا لابن آدم يغسل الخرء بيده في اليوم مرتين ثم يتكبر يعارض جبار السماوات. قال حدثنا خالد بن خداش حدثنا حماد بن زيد عن علي بن الحسن عن الضحاك بن سفيان فذكر حديث ضرب مثل الدنيا بما يخرج من ابن آدم. وقال الحسن عن يحيى عن أبي قال إن مطعم بن آدم ضرب مثلا للدنيا وإن قزحه وملحه. وقال محمد بن الحسين بن علي رضي الله عنه " ما دخل قلب رجل شئ من الكبر إلا نقص من عقله بقدر ذلك. وقال يونس بن عبيد ليس مع السجود كبر ولا مع التوحيد نفاق ونظر طاوس إلى عمر بن عبد العزيز وهو يختال في مشيته وذلك قبل أن يستخلف فطعن طاوس في جنبه بأصبعه وقال ليس هذا شأن من في بطنه خرء فقال له كالمعتذر إليه: يا عم لقد ضرب كل عضو مني على هذه المشية حتى تعلمتها قال أبو بكر بن أبي الدنيا كان بنو أمية يضربون أولادهم حتى يتعلمون هذه المشية.
(فصل في الاختيال) عن ابن أبي ليلى عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعا " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه " ورواه عن إسحاق بن إسماعيل عن سفيان عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا مثله وحدثنا محمد بن بكار حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره وبينما رجل يتبختر في برديه أعجبته نفسه خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " وروى الزهري عن سالم عن أبيه بينما رجل إلى آخره.
أو لم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجدل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتب منير (20) وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير (21) * يقول تعالى منبها خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة بأنه سخر لهم ما في السماوات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد وجعله إياها لهم سقفا محفوظا وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب وإزاحة الشبه والعلل ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم بل منهم من يجادل في الله أي في توحيده وإرساله الرسل ومجادلته في ذلك بغير علم ولا مستند من حجة صحيحة ولا كتاب مأثور صحيح ولهذا قال تعالى (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) أي مبين مضئ. (وإذا قيل لهم) أي لهؤلاء المجادلين في توحيد الله (اتبعوا ما أنزل الله) أي على رسوله من الشرائع المطهرة (قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا) أي لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين قال الله تعالى (أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) أي فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه ولهذا قال تعالى (أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير).
ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عقبة الأمور (22) ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور (23) نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ (24) يقول تعالى مخبرا عمن أسلم وجهه الله أي أخلص له العمل وانقاد لامره واتبع شرعه ولهذا قال (وهو محسن) أي في عمله: باتباع ما به أمر وترك ما عنه زجر (فقد استمسك بالعروة الوثقى) أي فقد أخذ موثقا