ففاتته القائلة فراح فجعل ينتظره ولا يراه وشق عليه النعاس فقال لبعض أهله لا تدع أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام فإني قد شق علي النوم فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل: وراءك وراءك قال إني قد أتيته أمس وذكرت له أمري فقال لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحدا يقربه فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت وإذا هو يدق الباب من داخل قال واستيقظ الرجل فقال يا فلان ألم آمرك قال أما من قبلي والله فلم تؤت فانظر من أين أتيت قال فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا الرجل معه في البيت فعرفه فقال أعدو الله؟ قال نعم أعيتني في كل شئ ففعلت ما ترى لأغضبك فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به. وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث زهير بن إسحاق عن داود عن مجاهد بمثله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن مسلم قال: قال ابن عباس كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال من يقوم مقامي على أن لا يغضب قال: فقال رجل: أنا فسمي ذا الكفل قال فكان ليله جميعا يصلي ثم يصبح صائما فيقضي بين الناس قال وله ساعة يقيلها قال فكان كذلك فأتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه ما لك؟ قال إنسان مسكين له على رجل حق وقد غلبني عليه قالوا كما أنت حتى يستيقظ قال وهو فوق نائم قال فجعل يصيح عمدا حتى يوقظه قال فسمع فقال ما لك؟ قال إنسان مسكين له على رجل حق قال فاذهب فقل له يعطيك قال قد أبى قال اذهب أنت إليه فذهب ثم جاء من الغد فقال ما لك؟ قال ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا قال اذهب إليه فقل له يعطيك حقك فذهب ثم جاء من الغد حين قال: قال فقال له أصحابه أخرج فعل الله بك تجئ كل يوم حين ينام لا تدعه ينام قال فجعل يصيح من أجل أني مسكين لو كنت غنيا قال فسمع أيضا فقال ما لك؟ قال ذهبت إليه فضربني قال امش حتى أجئ معك قال فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نشر يده منه ففر. وهكذا روي عن عبد الله بن الحارث ومحمد بن قيس وأبي حجيرة الأكبر وغيرهم من السلف نحو هذه القصة والله أعلم، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الجماهر أخبرنا سعيد بن بشير حدثنا قتادة عن كنانة ابن الأخنس قال سمعت الأشعري وهو يقول على هذا المنبر: ما كان ذو الكفل بنبي ولكن كان - يعني في بني إسرائيل - رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة فتكفل له ذو الكفل من بعده فكان يصلي كل يوم مائة صلاة فسمي ذا الكفل وقد رواه ابن جرير من حديث عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: قال أبو موسى الأشعري فذكره منقطعا والله أعلم، وقد روى الإمام أحمد حديثا غريبا فقال حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الأعمش عن عبد الله ابن عبد الله عن سعد مولى طلحة عن ابن عمر قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ولكن قد سمعته أكثر من ذلك قال " كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال ما يبكيك أكرهتك؟ قالت لا ولكن هذ ا عمل لم أعمله قط وإنما حملني عليه الحاجة قال فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ثم نزل فقال اذهبي بالدنانير لك ثم قال: " والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه قد غفر الله للكفل " هكذا وقع في هذه الرواية الكفل من غير إضافة والله أعلم وهذا الحديث لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وإسناده غريب، وعلى كل تقدير فلفظ الحديث إن كان الكفل ولم يقل ذو الكفل فلعله رجل آخر والله أعلم.
وذا النون إذ ذهب مغضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (87) فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (88) هذه القصة مذكورة ههنا وفي سورة الصافات وفي سورة ن، وذلك أن يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى أهل قرية نينوى وهي قرية من أرض الموصل فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم فخرج من بين