منقلب ينقلبون) يعني من الشعراء وغيرهم وقال أبو داود الطيالسي حدثنا إياس بن أبي تميمة قال حضرت الحسن ومر عليه بجنازة نصراني فقال: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) قال عبد الله بن أبي رباح عن صفوان بن محرز أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى حتى أقول قد اندق قضيب زوره (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). وقال ابن وهب أخبرنا شريح الإسكندراني عن بعض المشيخة أنهم كانوا بأرض الروم فبينما هم ليلة على نار يشتوون عليها أو يصطلون إذا بركبان قد أقبلوا فقاموا إليهم فإذا فضالة بن عبيد فيهم فأنزلوه فجلس معهم - قال - وصاحب لنا قائم يصلي حتى مر بهذه الآية (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) قال فضالة ابن عبيد هؤلاء الذين يخربون البيت. وقيل المراد بهم أهل مكة وقيل الذين ظلموا من المشركين. والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم كما قال ابن أبي حاتم: ذكر عن يحيى بن زكريا بن يحيى الواسطي حدثني الهيثم بن محفوظ أبو سعد النهدي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن المحبر حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كتب أبي في وصيته سطرين: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر وينتهي الفاجر ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). آخر تفسير سورة الشعراء والحمد لله رب العالمين.
سورة النمل بسم الله الرحمن الرحيم طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين (1) هدى وبشرى للمؤمنين (2) الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون (3) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعملهم فهم يعمهون (4) أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون (5) وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم (6) قد تقدم الكلام في سورة البقرة على الحروف المقطعة في أوائل السور وقوله تعالى: (تلك آيات) أي هذه آيات (القرآن وكتاب مبين) أي بين واضح (هدى وبشرى للمؤمنين) أي إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لمن آمن به واتبعه وصدقه وعمل بما فيه وأقام الصلاة المكتوبة وآتى الزكاة المفروضة وأيقن بالدار الآخرة والبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال خيرها وشرها والجنة والنار كما قال تعالى (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر) الآية وقال تعالى: (لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) ولهذا قال تعالى ههنا (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة) أي يكذبون بها ويستبعدون وقوعها (زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون) أي حسنا لهم ما هم فيه ومددنا لهم في غيهم فهم يتيهون في ضلالهم وكان هذا جزاء على ما كذبوا من الدار الآخرة كما قال تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) الآية: (أولئك الذين لهم سوء العذاب) أي في الدنيا والآخرة (وهم في الآخرة هم الأخسرون) أي ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر وقوله تعالى (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) أي (وإنك) يا محمد (لتلقى) أي لتأخذ (القرآن من لدن حكيم عليم) أي من عند حكيم عليم أي حكيم في أمره ونهيه عليم بالأمور جليلها وحقيرها فخبره هو الصدق المحض وحكمه هو العدل التام كما قال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا).