سبيله في البحر سربا (61) فلما جاوزا قال لفته آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64) فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما (65) سبب قول موسى لفتاه وهو يشوع بن نون هذا الكلام أنه ذكر له أن عبدا من عباد الله بمجمع البحرين عنده من العلم ما لم يحط به موسى فأحب الرحيل إليه وقال لفتاه ذلك " لا أبرح " أي لا أزال سائرا " حتى أبلغ مجمع البحرين " أي هذا المكان الذي فيه مجمع البحرين قال الفرزدق:
فما برحوا حتى تهادت نساؤهم ببطحاء ذي قار عياب اللطائم قال قتادة وغير واحد: هما بحر فارس مما يلي المشرق وبحر الروم مما يلي المغرب. وقال محمد بن كعب القرظي مجمع البحرين عند طنجة يعنى في أقصى بلاد المغرب فالله أعلم وقوله " أو أمضي حقبا " أي ولو أني أسير حقبا من الزمان. قال ابن جرير رحمه الله: ذكر بعض أهل العلم بكلام العرب أن الحقب في لغة قيس سنة ثم قد روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال الحقب ثمانون سنة وقال مجاهد سبعون خريفا وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله " أو أمضي حقبا " قال دهرا وقال قتادة وابن زيد مثل ذلك وقوله " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما " وذلك أنه كان قد أمر بحمل حوت مملوح معه وقيل له: متى فقدت الحوت فهو ثمة فسارا حتى بلغا مجمع البحرين وهناك عين يقال لها عين الحياة فناما هنالك وأصاب الحوت من رشاش ذلك الماء فاضطرب وكان في مكتل مع يوشع عليه السلام وطفر من المكتل إلى البحر فاستيقظ يوشع عليه السلام وسقط الحوت في البحر فجعل يسير في الماء والماء له مثل الطاق لا يلتئم بعده ولهذا قال تعالى " واتخذ سبيله في البحر سربا " أي مثل السرب في الأرض قال ابن جرير قال ابن عباس صار أثره كأنه حجر. وقال العوفي عن ابن عباس جعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر حديث ذلك ما انجاب ماء منذ كان الناس غير مسير مكان الحوت الذي فيه فانجاب كالكوة حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه فقال " ذلك ما كنا نبغ " وقال قتادة سرب من البحر حتى أفضى إلى البحر ثم سلك فيه فجعل لا يسلك فيه طريقا إلا صار ماء جامدا وقوله " فلما جاوزا " أي المكان الذي نسيا الحوت فيه ونسب النسيان إليهما وإن كان يوشع هو الذي نسيه كقوله تعالى " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " وإنما يخرج من المالح على أحد القولين فلما ذهبا عن المكان الذي نسياه فيه بمرحلة " قال " موسى " لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا " أي الذي جاوزا فيه المكان " نصبا " يعني تعبا قال " أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره " قال قتادة وقرأ ابن مسعود أن أذكركه ولهذا قال " فاتخذ سبيله " أي طريقه " في البحر عجبا قال ذلك ما كنا مسعود أن أذكركه ولهذا قال " فاتخذ سبيله " أي طريقه " في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ " أي هذا هو الذي نطلب " فارتدا " أي رجعا " على آثارهما " أي طريقهما " قصصا " أي يقصان آثار مشيهما ويقفوان أثرهما " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما " وهذا هو الخضر عليه السلام كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر عليه السلام ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل قال ابن عباس كذب عدو الله حدثنا