الموحدين المخلصين المنقادين لامره المطيعين له. وقوله (وأن أتلوا القرآن) أي على الناس أبلغهم إياه كقوله تعالى (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) وكقوله تعالى (نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق) الآية أي أنا مبلغ ومنذر (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين) أي لي أسوة بالرسل الذين أنذروا قومهم وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم وخلصوا من عهدتهم وحساب أممهم على الله تعالى كقوله تعالى (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) وقال (إنما أنت نذير والله على كل شئ وكيل). (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها) أي لله الحمد الذي لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه والانذار إليه ولهذا قال تعالى (سيريكم آياته فتعرفونها) كما قال تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) وقوله تعالى (وما ربك بغافل عما تعملون) أي بل هو شهيد على كل شئ قال ابن أبي حاتم ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي حدثنا سعيد بن أبي سعيد سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله فإن الله لو كان غافلا شيئا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة " وقال أيضا حدثنا محمد بن يحيى حدثنا نصر بن علي قال أبي أخبرني عن خالد بن قيس عن مطر عن عمر ابن عبد العزيز قال: فلو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان ينشد هذين البيتين إما له وإما لغيره إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا أن ما يخفى عليه يغيب آخر تفسير سورة النمل ولله الحمد والمنه.
سورة القصص قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا وكيع عن أبيه عن أبي إسحاق عن معد يكرب قال أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علينا طسم المائتين فقال ما هي معي ولكن عليكم بمن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت قال فأتينا خباب بن الأرت فقرأها علينا رضي الله عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم طسم (1) تلك آيات الكتب المبين (2) نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون (3) إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين (4) ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (5) ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون (6) فقد تقدم الكلام على الحروف المقطعة، وقوله: (تلك) اي هذه (أيات الكتاب المبين) اي الواضح الجلي الكاشف عن حقائق الأمور وعلم ما قد كان وما هو كائن، وقوله: (نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق) الآية كما قال تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص) أي نذكر لك الامر على ما كان عليه كأنك تشاهد وكأنك حاضر كما قال تعالى: (إن فرعون علا في الأرض) أي تكبر وتجبر وطغى (وجعل أهلها شيعا) أي أصنافا قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته، وقوله تعالى: (يستضعف طائفة منهم) يعنى بني إسرائيل وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل