غريب جدا ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عباس والله أعلم والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب مما وجد في صحفهم كروايات كعب ووهب سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب مما كان وما لم يكن ومما حرف وبدل ونسخ وقد أغنانا الله سبحانه عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ ولله الحمد والمنة أصل الصرح في كلام العرب هو القصر وكل بناء مرتفع قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن فرعون لعنه الله أنه قال لوزيره هامان (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب) الآيات والصرح قصر في اليمن عالي البناء والممرد المبنى بناء محكما أملس (من قوارير) أي زجاج وتمريد البناء تمليسه ومارد حصن بدومة الجندل والغرض أن سليمان عليه السلام اتخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة ليريها عظمة سلطانه وتمكنه فلما رأت ما آتاه الله وجلالة ما هو فيه وتبصرت في أمره انقادت لأمر الله تعالى وعرفت أنه نبي كريم وملك عظيم وأسلمت لله عز وجل وقالت (رب إني ظلمت نفسي) أي بما سلف من كفرها وشركها وعبادتها وقومها للشمس من دون الله (وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) أي متابعة لدين سليمان في عبادته لله وحده لا شريك له الذي خلق كل شئ فقدره تقديرا.
ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صلحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون (45) قال يقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون (46) قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون (47) يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح عليه السلام حين بعثه الله إليهم فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له (فإذا هم فريقان يختصمون) قال مجاهد: مؤمن وكافر كقوله تعالى (قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه؟ قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون) (قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة) أي لم تدعون بحضور العذاب ولا تطلبون من الله رحمته ولهذا قال (لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك) أي ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرا وذلك أنهم لشقائهم كان لا يصيب أحدا منهم سوء إلا قال هذا من قبل صالح وأصحابه قال مجاهد تشاءموا بهم وهذا كما قال الله تعالى إخبارا عن قوم فرعون (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذا من قبل صالح وأصحابه، قال مجاهد تشاءموا بهم وهذا كما قال الله تعالى اخبارا عن قوم فرعون (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) الآية وقال تعالى (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله) أي بقضائه وقدره وقال تعالى مخبرا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون (قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم) الآية وقال هؤلاء (اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله) أي الله يجازيكم على ذلك (بل أنتم قوم تفتنون) قال قتادة تبتلون بالطاعة والمعصية والظاهر أن المراد بقوله (تفتنون) أي تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال.
وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون (48) قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون (49) ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون (50) فانظر كيف كان عقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين (51) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لاية لقوم يعلمون (52) وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون (53)